حذّر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، من أن السودان لا يمكنه تحمّل يوم آخر من الحرب الدائرة منذ 15 أبريل 2023، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف الصراع وإنقاذ أكبر أزمة إنسانية في العالم.

الخرطوم ــ التغيير

ووصف لعمامرة  عدد الضحايا في السودان بـ “المذهل” ويتزايد يومًا بعد يوم، مشيرًا إلى أن نحو 12 مليون شخص، أي واحد من كل أربعة سودانيين، اضطروا للنزوح من منازلهم، وهو ما يعادل نزوح جميع سكان ولايات كاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا مجتمعة.

و شدد المبعوث الأممي على أن السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص للمساعدات الإنسانية العاجلة. وتتفاقم الأوضاع بسبب تدهور الأمن الغذائي، الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية، واستشراء أمراض مثل الكوليرا بسبب الاشتباكات. كما بلغ العنف القائم على النوع الاجتماعي مستويات مقلقة، وحُرم 17 مليون طفل من التعليم، مما يهدد بمستقبل جيل بأكمله.

ولم يقتصر التحذير على الوضع الداخلي، بل امتد ليشمل التداعيات الإقليمية، ونوه لعمامرة إلى أن العنف والتشظي في السودان يهددان بالامتداد إلى ما وراء الحدود، مما يجعل المنطقة بأسرها “تتأرجح على حافة الهاوية”، مع تزايد خطر الاشتباكات العابرة للحدود وتدهور الأمن على طول البحر الأحمر وتعمق التدخلات الخارجية، مما يهيئ بيئة خصبة لتجذر الجماعات المتطرفة.

ورغم الصورة القاتمة، أكد لعمامرة أنه لا يزال هناك وقت لتغيير المسار، مشددًا على أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تزال لديهما فرصة لإنقاذ السودان من الهاوية،وقال  “الأمر الأكثر إلحاحًا هو الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار والانخراط في حوار حقيقي لمعالجة أسباب الصراع”.

وأشار لعمامرة إلى أن “الحوار أفضل من الحرب”، وأن هناك “نافذة ضيقة لكنها تنغلق بسرعة” للشروع في هذا الحوار، خاصة مع اقتراب موسم الأمطار الذي قد يقلل من حدة المعارك البرية. وأبدى استعداده، بالتعاون مع الشركاء الدوليين الرئيسيين، للعمل مع الأطراف المتنازعة على تدابير لخفض التوتر، تتيح وصول المساعدات، وحماية المحاصيل، والمنازل والمدارس والمستشفيات، بما يمكن أن يبني الثقة وينقذ العديد من الأرواح.

و لفت المبعوث الأممي إلى أن السلام في السودان لن يتحقق ما لم تتوحد جهود جميع الفاعلين الخارجيين. وقد دعا في زياراته المتعددة إلى عواصم العالم من واشنطن إلى موسكو، ومن القاهرة إلى أبو ظبي القادة إلى استخدام نفوذهم السياسي لضمان إيصال المساعدات الإنسانية ودفع عملية سياسية ذات مصداقية نحو إنهاء الحرب.

وشدد على أن “سودان السلام والازدهار يصب في مصلحة الجميع”، وأن وحدة وعزم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمران أساسيان لتشكيل اصطفاف سياسي يجمع الأطراف المتحاربة وداعميها على طاولة المفاوضات. ودعا العالم إلى التحرك الآن وممارسة ضغط حقيقي ومستمر على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وفي هذا الصدد، رحب بالدور القيادي للولايات المتحدة في توحيد “الرباعية” التي تضم مصر والسعودية والإمارات.

و أوضح  لعمامرة أن مهمته الأساسية هي ضمان تنسيق وفعالية الجهود الدولية التي كانت مشتتة في العامين الماضيين، مشيدًا بالأثر العميق للتعاون المشترك بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة على حياة ملايين السودانيين.

واختتم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان حديثه بالتأكيد على استماعه المستمر للمدنيين السودانيين الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذه الحرب الوحشية. وشدد على أن رسالتهم للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وداعميهم واضحة: “أوقفوا هذا العنف المروّع”. وأشاد بصمودهم وإيمانهم بالسلام، مؤكدًا استعداده لمواصلة العمل معهم. “إن شعب السودان يستحق فرصة لبناء مستقبل ملؤه الكرامة، والسلام، والفرص. ولا يمكننا أن نغض الطرف بعد الآن. يجب على المجتمع الدولي أن يتحد ويقف خلف هذه الجهود للإسراع في تحقيق السلام في السودان. لم يعد مقبولًا أن نظل مكتوفي الأيدي بينما تُزهق أرواح السودانيين.”

 

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.