محمد أحمد حسن

قرارات سلطة بورتسودان لم تعد حبيسة الداخل السوداني، بل امتد أثرها السلبي إلى مئات الآلاف من السودانيين في المهجر، الذين كانوا يظنون أنهم ابتعدوا عن دوامة الأزمات اليومية. آخر هذه القرارات، وقف الرحلات الجوية مع دولة الإمارات، جاء ليشكل صدمة للجالية السودانية المقيمة هناك، والتي تفوق أعدادها 200 ألف شخص.

هذه الجالية تمثل شريان دعم اقتصادي واجتماعي لعائلاتها في السودان، عبر التحويلات المالية، والمساندة الإنسانية، وروابط التواصل الأسري. أي تعطيل لحركة السفر بين البلدين لا يعني فقط خسائر اقتصادية، بل تمزيقًا لعلاقات أسرية وتقييدًا لحركة مرضى وطلاب ورجال أعمال.

اللافت أن قرارًا بهذا الحجم لم تسبقه أي مشاورات أو حتى مراعاة للأثر الإنساني المترتب عليه، وكأن مصير هذه الجالية ليس في حسابات صناع القرار في بورتسودان. الأسوأ أن هذه الخطوة تأتي في وقت يعيش فيه السودانيون بالخارج ضغوطًا متزايدة نتيجة الحرب وانهيار الخدمات في الداخل، ما يجعل أي عائق إضافي بمثابة عبء لا يُحتمل.

هذه ليست المرة الأولى التي تتجاهل فيها سلطة بورتسودان صوت المواطنين ومصالحهم، لكن أثر هذه الخطوة قد يكون الأوسع، لأنها تطال شريحة كبيرة من السودانيين المنتشرين في الخارج، وتسيء لعلاقات السودان مع دولة من أبرز شركائه الاقتصاديين والإنسانيين في المنطقة.

في النهاية، يبدو أن سلطة بورتسودان تواصل سياسة “الهروب إلى الأمام”، حتى ولو كان الثمن معاناة أبناء الوطن في كل مكان. والنتيجة، أن القرارات الارتجالية تزداد، بينما الثقة بين المواطن والسلطة تتآكل يومًا بعد يوم

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.