في جريمة وحشية هزّت الوسط الطبي والمجتمع السوداني بأسره، توفيت الطبيبة روعة علاء الدين عبد الحكم إدريس، نائب أخصائي التخدير بمستشفى الضمان مروي مدينة مروي الطبية، إثر تعرضها لاعتداء عنيف خارج حرم المستشفى، حيث سدد لها الجاني وهو طليقها عدة طعنات قاتلة، رغم محاولات إسعافها وإنقاذ حياتها من قبل الفريق الطبي.

مروي: التغيير

الجريمة التي وقعت في وضح النهار، وأمام أعين المارة، سلطت الضوء على حجم التحديات التي تواجه الكوادر الطبية، وخاصة النساء، من تهديدات أمنية ومخاطر اجتماعية لم تعد محصورة في أماكن العمل، بل امتدت إلى حياتهن الشخصية والخاصة.

وأصدرت إدارة مستشفى الضمان مروي بيانًا توضيحيًا فور وقوع الحادث، حمل نبرة من الحزن والغضب، أكدت فيه أن الطبيبة الراحلة كانت قد تعرضت سابقًا لاعتداء بالضرب من قبل طليقها داخل سكن الأطباء بالمدينة الطبية، وأن المستشفى حينها اتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك فتح بلاغ رسمي لدى الجهات العدلية، ولا يزال البلاغ قيد النظر أمام المحكمة حتى تاريخ وقوع الحادث.

إدارة المستشفى: الطبيبة الراحلة كانت قد تعرضت سابقًا لاعتداء بالضرب من قبل طليقها داخل سكن الأطباء

وأوضحت الإدارة أن الجاني لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ أقدم لاحقًا على الاعتداء على خال الفقيدة باستخدام سكين، في حادثة وقعت خارج حرم المدينة الطبية، وتم التبليغ عنها رسميًا كذلك.

وفي يوم الجريمة، وبينما كانت الفقيدة تغادر مقر عملها بعد انتهاء دوامها، ترصدها الجاني خارج المدينة الطبية، وانهال عليها بطعنات سكين بلغت ست عشرة طعنة في مناطق متفرقة من جسدها، في هجوم وحشي يعكس مدى الخطر الذي كانت تواجهه.

وقد تم إسعافها على وجه السرعة إلى قسم الطوارئ، ومنه إلى غرفة العمليات، حيث أجريت لها عدة عمليات جراحية متقدمة شارك فيها نخبة من كبار الاستشاريينـ لكن رغم الجهود المكثفة التي بذلها الفريق الطبي، فإن الإصابات كانت بالغة، وتوفيت الطبيبة متأثرة بجراحها.

البيان شدد على رفض إدارة المستشفى لكافة أشكال العنف، وطالب الجهات العدلية والأمنية بإنزال أشد العقوبات بحق الجاني، مؤكدًا ضرورة توفير بيئة آمنة ومحفزة للعمل الطبي، وسن تشريعات رادعة لحماية الكوادر الطبية، وخاصة العاملات في القطاع.

مطالبات بالعدالة

أشعلت الحادثة موجة من الحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وسم #العدالة_لروعة خلال ساعات قليلة من انتشار الخبر.

وكتب العديد من الأطباء والناشطين الحقوقيين والمواطنين تدوينات تعبر عن تضامنهم مع الفقيدة، وتطالب بتحقيق عاجل وشامل، وتعديل القوانين التي تتعامل مع جرائم العنف ضد المرأة.

ناشط حقوقي :”روعة كانت ضحية جهاز عدالة بطيء ونظام اجتماعي متراخٍ أمام عنف الرجال ضد النساء. هذه ليست قضية فردية، هذه أزمة مجتمع كامل.”

من أبرز ردود الأفعال، كتبت ندى محمد، طبيبة أطفال، على حسابها في منصة “إكس” (تويتر سابقًا):”كلنا روعة. إذا لم تحمِنا القوانين والمجتمع، فمن سيحمينا؟! نطالب بتشريعات عاجلة لحماية الكوادر الطبية من التهديد والعنف الأسري.”

بينما قال الناشط الحقوقي أسامة النور:”روعة كانت ضحية جهاز عدالة بطيء ونظام اجتماعي متراخٍ أمام عنف الرجال ضد النساء. هذه ليست قضية فردية، هذه أزمة مجتمع كامل.”

كما أصدرت رابطة الأطباء السودانيين بيانًا رسميًا دعت فيه إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في ملابسات الجريمة، والعمل على حماية سكن الأطباء من الاختراقات الأمنية، وإنشاء خط ساخن للتبليغ عن حالات العنف والتهديد.

العنف القائم على النوع

أعادت قضية الطبيبة روعة علاء الدين إلى السطح نقاشًا متجددًا حول العنف الأسري وسلامة النساء العاملات، لا سيما في المهن التي يُفترض أن تتمتع ببيئة مهنية آمنة.

ويرى عدد من زملاء الضحية، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني، أن هذه الجريمة يجب أن تكون نقطة تحوّل في التعاطي القانوني والمجتمعي مع مثل هذه التهديدات.

واعتبر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنه لا يمكن النظر إلى ما حدث بوصفه حادثًا معزولًا، بل هو نتاج تراكم لمخاطر ظلّت تتجاهلها المؤسسات المعنية، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في منظومة حماية العاملين بالقطاع الصحي، خاصة الطبيبات المقيمات في سكن المستشفيات.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.