أكدت مديرة إدارة التأمينات في الإدارة العامة للنقل والإنقاذ، العميد سميرة عبدالله آل علي، أول امرأة في تاريخ شرطة دبي تصل إلى رتبة عميد منذ تأسيس القوة عام 1956، أن ترقيتها تمثل فخراً لكل امرأة إماراتية، ودليلاً على الدعم اللامحدود الذي تقدمه القيادة الرشيدة لتمكين المرأة في مختلف المجالات، وأن المرأة الإماراتية إذا وثقت بنفسها وقدراتها وإمكاناتها تصنع المستحيل.

وكشفت خلال حوار مع «الإمارات اليوم» عن إنجازاتها ومساهمتها في تحقيق وفورات مالية تجاوزت 114 مليون درهم، بفضل تطوير منظومة التأمين وإدخال أنواع جديدة من التغطيات، شملت ترشيد الإنفاق الحكومي في بند التأمين، وتنمية الإيرادات نتيجة المشاركة في الأرباح، والوفر في نظام التأمين الذكي (كايزن)، وتطبيق أفضل الممارسات لدفع استحقاقات التأمين، إضافة إلى المساهمة في تحقيق وفر واستدامة للموارد الاقتصادية بنسبة 18%.

وقالت إن هناك مشروعاً قيد الدراسة والتشريع بالتعاون مع الجهات المختصة لتوفير تغطية تأمينية للسيارات ذاتية القيادة، واصفة إياه بأنه أحد أكبر التحديات المستقبلية المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن مستقبل التأمين في الأجهزة الأمنية واعد جداً، وأن دولة الإمارات، خصوصاً إمارة دبي، قطعت خطوات متقدمة في هذا المجال حتى أصبحت نموذجاً إقليمياً في تطوير قطاع التأمين وتعزيز دوره في دعم التنمية الاقتصادية وحماية الأصول.

وأعربت عن إيمانها بأن العمل الشرطي يوفر بيئة خصبة للإبداع والتميز، مؤكدة أن فلسفتها القيادية تقوم على روح الفريق وتحفيز الكوادر وتمكين المرأة، موجهة رسالة إلى الفتيات الإماراتيات الراغبات في دخول القطاع العسكري والأمني، بضرورة الثقة بالنفس وتحديد الأهداف بوضوح، مع الالتزام بالأصول واحترام الذات، مؤكدة أن المجال العسكري يقدر المرأة المتميزة ويفتح أمامها آفاقاً واسعة للإسهام في خدمة الوطن.

وكانت سميرة آل علي من بين كبار الضباط وضباط الصف والأفراد الذين أمر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بترقيتهم، في 17 يوليو الماضي، إلى الرتب التي تلي رتبهم العسكرية.

علامة فارقة

وتفصيلاً، قالت العميد سميرة آل علي إن حصولها على رتبة عميد كأول امرأة في تاريخ شرطة دبي تنال هذا الشرف، يُعد علامة فارقة في مسيرتها المهنية ومصدر فخر لكل امرأة إماراتية تعمل في السلك الشرطي، مؤكدة أن هذه الخطوة تجسد رؤية القيادة الرشيدة في دعم وتمكين المرأة، وإتاحة المجال أمامها لتولي المناصب القيادية والمشاركة الفاعلة في خدمة الوطن إلى جانب الرجل.

وثمّنت الدعم الكبير من القيادات الشرطية، وعلى رأسهم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، والقائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، مؤكدة أن دعمهم ومساندتهم المستمرة كانا عاملاً رئيساً في وصولها إلى هذه المرحلة المتميزة.

وأضافت أن الترقية لا تمثل تكريماً شخصياً فحسب، بل تضع على عاتقها مسؤولية أكبر لمواصلة العطاء، والعمل بكل إخلاص للحفاظ على مكانة مؤسسة شرطة دبي التي تعتز بانتمائها إليها.

وروت العميد سميرة عبدالله آل علي قصة التحاقها بالعمل العسكري قبل 31 عاماً، قائلة: «تخرجت عام 1991 في جامعة الإمارات بشهادة بكالوريوس في التأمين، وعملت لمدة عامين في شركة خاصة بمجال التأمين وإعادة التأمين. وفي أحد الأيام، لفت انتباهي إعلان في إحدى الصحف عن دورة تأهيلية للعنصر النسائي في أكاديمية شرطة دبي، فقررت خوض التجربة، وأثناء الدورة التقيت اللواء المتقاعد، جاسم بالرميثة، الذي علم بتخصصي وخبرتي العملية، فطلب مني الانضمام إلى العمل في مجال التأمين بشرطة دبي، وكان في ذلك الوقت مكتباً صغيراً في بداياته».

وأضافت: «التحقت بالعمل في أكتوبر 1994، وكان المكتب يضم موظفين فقط، وبفضل التخصص والخبرة استطعنا تطويره خلال عام واحد ليصبح قسماً، ثم إدارة فرعية عام 2000 تضم ثلاثة أقسام رئيسة معنية بالتأمينات كافة الخاصة بممتلكات وأصول شرطة دبي، بما في ذلك الممتلكات الحية كالخيول والكلاب البوليسية».

رحلة العمل

وتتذكر العميد سميرة أول أيامها في الأكاديمية قائلة: «كنت أقف أمام بوابة الأكاديمية وأقول لنفسي: سأغادر من هنا كعسكرية، كان تحدياً كبيراً، لكني بطبيعتي طموحة، وعندما أضع هدفاً أمامي لا أتراجع عنه، ووقتها كانت دفعتنا تضم نحو 60 امرأة، وهو رقم غير مسبوق في الدورات النسائية».

وأشارت إلى أن العمل في الشرطة لم يكن ضمن مخططاتها في البداية، موضحة: «دراستي وخبرتي كانتا في التأمين، لكن عندما علمت أن شرطة دبي بحاجة إلى متخصصين في هذا المجال، تشجعت على الانضمام، والعمل هنا غيّر شخصيتي تماماً، وعلمني النظام والانضباط، وانعكس ذلك إيجاباً على حياتي الأسرية والاجتماعية».

وعن التحديات التي واجهتها، قالت: «عينت في الإدارة العامة للنقل والإنقاذ، وكان مكتب التأمين مكتباً بسيطاً، وكنت العنصر النسائي الوحيد في الإدارة، وكتب على ملفي (الوكيل الوحيدة) بدلاً من اسمي، لكني أؤمن أن إيمان المرأة بنفسها واحترامها لذاتها هو سلاحها الحقيقي لفرض الاحترام. ولحسن الحظ، وجدت دعماً كبيراً من الزملاء والرؤساء، وشعرت بأنني بين أسرتي».

قطاع التأمين

وأكدت العميد سميرة أن مسيرتها شهدت تحولاً كبيراً في قطاع التأمين بشرطة دبي: «بدأنا من مكتب صغير، ووضعت هدفاً لبناء منظومة تأمينية متكاملة، حيث كان التأمين في السابق يقتصر على السيارات وبعض المباني والمعدات، واليوم تغطي هذه المنظومة جميع ممتلكات شرطة دبي من مركبات ومبانٍ وتجهيزات وأجهزة، إلى الوسائل البحرية والطرادات والرادارات، والطائرات بدون طيار، وتأمين الأخطاء الطبية وحتى الكلاب البوليسية والخيول».

وتابعت أنها أسهمت في توفير أكثر من 114 مليون درهم، بفضل تطوير منظومة التأمين وإدخال أنواع جديدة من التغطيات، شملت 24 مليوناً و259 ألفاً و497 درهماً الترشيد في الإنفاق الحكومي لبند التأمين للأعوام 20172024، و41 مليوناً و828 ألفاً و313 درهماً عن تطبيق أفضل ممارسة (المقاصة) لدفع استحقاقات التأمين للأعوام 20182025، وأكثر من 19 ألف درهم وفراً مالياً لتنفيذ الدورات داخلياً، إضافة إلى سبعة ملايين و260 ألفاً و383 درهماً، نتيجة تحقيق وفر واستدامة للمورد الاقتصادي.

وأوضحت أن أهمية التأمين تتجاوز الحفاظ على الممتلكات: «فهو يمنح الشعور بالطمأنينة والأمان، ويعزز أداء الشرطي الذي يعلم أن معداته ومركبته وحتى نفسه مؤمّنة ضد المخاطر، وطبيعة عمل الشرطة تتطلب أحياناً مداهمات أو مطاردات، وهذه استثناءات غير مغطاة في الوثائق العادية، لذلك نراجع بنود التأمين سنوياً لتناسب طبيعة مهامنا، ما يعزز العمل المنوط به رجال الشرطة لتوفير الأمن والأمان الذي يشعر به كل مجتمع إمارة دبي».

وأضافت: «أدخلنا أنواعاً جديدة من التأمين غير التقليدي، مثل تأمين إصابات العمل للمتطوعين والمتعاونين، رغم التخوف الأولي من شركات التأمين، كما أضفنا تأمين الطائرات بدون طيار، الذي يغطي الجهاز والمسؤولية المدنية تجاه الغير، ونجحنا في توقيع عقود طويلة الأجل لمدة خمس سنوات بفضل النتائج الإيجابية التي حققها القطاع».

فلسفة القيادة

وعن فلسفتها في القيادة، قالت: «أؤمن بروح الفريق، وأحرص على تحفيز الموظفين ووضع آليات واضحة لمهامهم، وبيئة العمل في شرطة دبي خصبة ومنتجة وتوفر الأمان، وأنا أشارك بنفسي في مختلف الجوانب، كما أترأس لجنة الدانة النسائية منذ عام 2016 / 2017 لدعم المرأة وتمكينها ومعالجة القضايا التي قد لا تستطيع مناقشتها مع زملاء أو رؤساء رجال».

وأشارت إلى أن الإدارة تضم مختلف التخصصات من العنصر النسائي.

وعن مستقبل التأمين، أكدت العميد سميرة أنه واعد جداً في الأجهزة الأمنية.

وقالت إن: «الوعي بأهمية التأمين ازداد بشكل لافت، وألاحظ الإقبال الكبير على الدورات مقارنة بالماضي، ودولة الإمارات أدركت أهمية هذا القطاع ووسعت نطاق تطبيقاته بشكل كبير».

كما كشفت عن مشروع جديد قيد الدراسة والتشريع بالتعاون مع الجهات المختصة، هو توفير التغطية التأمينية للسيارات ذاتية القيادة، وهو تحدٍ عالمي يرتبط بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وذكرت أن «ما يميزنا أننا لسنا مجرد وسطاء، بل لدينا منظومة تمكننا من تحليل القرارات وتجهيز المعاملات داخلياً قبل إرسالها لشركات التأمين، وقد عرضنا تجربتنا الناجحة، بما في ذلك مبادرة (نجوم القيادة الآمنة) لتكريم السائقين المتميزين، في مؤتمر روود بول الدولي، وحظينا بإشادة كبيرة ورغبة دول أخرى في الاستفادة من تجربتنا».

وعن حياتها الشخصية، قالت: «على الصعيد الشخصي والأسري، أؤمن أن العمل يؤثر في حياة الإنسان، لكن عملي في شرطة دبي علمني النظام، وهذا انعكس إيجاباً على حياتي في المنزل والمجتمع، وأنا أمّ لـ(محمد)، ابني الوحيد، وهو مهندس كيميائي، وقد حرصت على غرس قيم التميز فيه، أما عن الجانب الذي قد يفاجئ البعض، فهو أني أحب خلط العطور كنوع من الهواية».

ووجهت نصيحة للفتيات الإماراتيات الراغبات في دخول المجال العسكري أو الأمني: «ثقي بنفسك، وحددي أهدافك، والتزمي بالأصول واحترمي ذاتك، والمجال العسكري يقدر المرأة المتميزة ويفتح أمامها الفرص والنجاحات الاستثنائية».

جوائز ونجاحات

نجحت آل علي في حصد العديد من الجوائز الفردية والجماعية، ومنها جائزة «الموظفة المتميزة» لعام 2022 في جائزة الإمارات للسيدات، التي تقدمها مجموعة دبي للجودة، كما نجحت من خلال قيادتها لمبادرة «نجوم القيادة الآمنة» التي أطلقتها شرطة دبي لتخفيض عدد الحوادث التي يرتكبها سائقو القوة في الحصول على جائزة فئة «سبع نجوم» المُقدمة من مركز أبحاث التميز التنظيمي COER في نيوزيلندا،‏ إلى جانب حصولها على جائزة القائد العام للتميز في فئة أفضل فريق عمل إداري لمشروع «ساند»، الذي يهدف إلى تخفيض الحوادث والتعويضات في إدارة التأمينات، وكذلك الفوز بفئة «سبع نجوم» على مستوى شرطة دبي ضمن المشروع المعرفي «وعيهم ضمان» الهادف إلى توعية الموظفين بالجوانب التأمينية، وغيرها من الجوائز.

عضويات ولجان

تعد العميد آل علي نشطة جداً في مجال العضويات في اللجان الخاصة بدعم تمكين المرأة، إضافة إلى أنها عضو في اللجنة الوطنية الدائمة لسجل إصابات العمل على مستوى الدولة، ونائب رئيس مجموعة التحسين المستمر في مجموعة دبي للجودة، ومحاضرة معتمدة في شرطة دبي، ومحاضرة ضمن الخدمة الوطنية في موضوع الجرائم الاقتصادية.

وتمتلك العميد آل علي في سجلها المهني 19 مُصنفاً فكرياً، من ضمنها العلامة التجارية لمبادرة «نجوم القيادة الآمنة»، ومبادرة «الوصول إلى صفر حوادث في الدوريات العسكرية»، ومشروع «نظام التأمين الذكي»، ومشروع «ساند»، ومشروع «وعيهم ضمان»، إضافة إلى تطبيق نظام أفضل 10 سائقين مثاليين «TOP 10»، وهو نظام لفرز أفضل السائقين في شرطة دبي شهرياً ممن لا يرتكبون الحوادث، إلى جانب «مشروع الدورية السريعة الذي يطبق منهجية كايزن» في الاستجابة السريعة للحوادث، إضافة إلى برنامج احترافي لمسؤولي الدوريات ومساعديهم، وغيرها من البرامج.

وشاركت العميد آل علي في 163 دورة ومؤتمراً، وقدمت 16 ورشة عمل ودورة في مجال التأمين، وقدمت استشارات في مجال التأمينات استفاد منها أكثر من 21 ألف مستفيد، إلى جانب تقديم 225 مقترحاً تطويرياً على مستوى شرطة دبي، كما شاركت أيضاً في 65 فريق عمل، وحصلت على مدار عملها في شرطة دبي على 392 شارة وميدالية وشهادة تقدير، إلى جانب حصولها على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، ودبلوم في تكنولوجيا المعلومات.

العميد سميرة آل علي:

• المرأة الإماراتية إذا وثقت بنفسها وقدراتها وإمكاناتها تصنع المستحيل.

• ترقيتي لرتبة عميد فخر لكل امرأة إماراتية، ودليل على الدعم اللامحدود لتمكين المرأة في مختلف المجالات.

• وفورات مالية ضخمة تجاوزت 114 مليون درهم، بفضل تطوير منظومة التأمين وإدخال أنواع جديدة من التغطيات.

• مشروع جديد قيد الدراسة لتوفير تغطية تأمينية للسيارات ذاتية القيادة.

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.