أمد/ كتب حسن عصفور/ وأخيرا نطق نتنياهو بـ “الحقيقة السياسية المطلقة” التي يختزنها، قد يبدو الوصف تجاوزا للمعرفة بأنه لا حقيقة مطلقة في الكون سوى الحركة، وما دونها نسبي، ولكن الأمر هنا يحمل بعضا من الاستثنائية عن المبدأ الفلسفي، كونه يتوافق بشكل أو بآخر معه، انطلاقا مما يحمل أبعادا وجوهرا.
فبعد سنوات من الاختباء وراء شعارات ضبابية، وعبارات متأرجحة، كشف رئيس حكومة الفاشية اليهودية نتنياهو الجوهري في رؤيته الفكرية السياسية للصراع القائم في المنطقة، وبأن الأمر لا يرتبط أبدا بغزة ورهائن ولا تهويد ضفة وقدس، وشطب الكيانية الفلسطينية بل ولا اقتلاع “الفلسطنة”، بل رؤية تلمودية مطلقة، حلمه العام مرتبط بـ “إسرائيل الكبرى”.
مساء يوم 12 أغسطس 2025، نطق نتنياهو ما حاول الالتفاف عليه سنوات عدة منذ أن كان متدربا ثم مندوبا للكيان الغازي في الأمم المتحدة، وبلا أي لعثمة قالها، إسرائيل الكبرى” الهدف والحلم، وهي موضوعيا تواصلا لما أعلنه يوم 9 أكتوبر 2023، بأن حدث غزة فتح الطريق لبناء شرق أوسط جديد.
عندما قال نتنياهو بأن 7 أكتوبر هو البداية للمشروع اليهودي الكبير، استخف الكثيرون بما قاله، وأنه ليس سوى رد فعل سريع على “صدمة الحدث الكبير”، في تقييم مثل قمة السذاجة السياسية، بل والسطحية الفريدة في استخفاف بما هو خطر وتضخيم بما هو نكبوي، مشهد قد لا يتكرر كثيرا في التاريخ السياسي.
الأهمية الكبيرة لسقطة نتنياهو حول ارتباطه بـ “إسرائيل الكبرى”، يعيد الاعتبار للفلسطيني بذاته، القضية والشعب، بعدما ذهبت دول عربية بفتح طريق سريع جدا مع دولة الفاشية اليهودية، وبلا أي ذريعة تبرير لما فعلت، متجاوزة المبدأ العام حول ربط حل الصراع بحل القضية الفلسطيني، خاصة وهي دول ليست من دول المواجهة الحدودية، تتطلب بحثا عن حل ما كما كان مع مصر، الأردن وفلسطين، ونسبيا سوريا ولبنان.
حديث نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى” هي الحقيقة التي رسمتها خارطة الكنيست، ما يشير أنها ليست سقطة لغوية، أو ذلك ما يراه اليمين أو اليمين الفاشي، بل هو مبدأ غالبية قوى الكيان، وتم الصمت عليه منذ سنوات لحسابات مختلفة، ولذا فالحديث عنها مجددا، يرتبط بالمشروع “التغييري” الأمريكي اليهودي في المنطقة، الذي بدأ يشق طريقه للتنفيذ.
“إسرائيل الكبرى”، وحلم نتنياهو، ليي بالضرورة أن يبدأ التنفيذ الجغرافي السريع، بل هي رؤية سياسية جديدة، تمنح دولة الكيان ميزات جديدة في ترتيبات إقليمية جديدة، تحتل فيها رأس حربة بمجالات مختلفة، وتلك مسألة لم تعد سرا أو مسألة استنتاجية، بل بدأت بالظهور من خلال علاقات متنامية بين الدولة العدو ودول عربية خليجية ومغاربية، منها اتفاقات ذات بعد أمني.
حديث نتنياهو عن ارتباطه بحلم “إسرائيل الكبرى”، ما كان له أن يكون دون أن يتم صناعة حدث تغييري كبير يستخدمه كـ “نقاب سياسي” لتمرير مشروعه السياسي”، وهو ما يجب أن يمنح من ذهب به “الخيال السياسي” حول 7 أكتوبر ليرى أنها صناعة يهودية خالصة، تم تنفيذها بأداة بين الغباء والتامر، لتفتح باب تنفيذ المشروع التهويدي الكبير، والذي لم يكن ممكنا الإشارة إليه بشكل ما قبل ذلك اليوم المشؤوم وطنيا وقوميا.
بعد أن كشف نتنياهو عن حلمه التاريخي في وجود “إسرائيل الكبرى”، هل نجد “صفعة عربية” تعيد “الوعي المفقود” لـ “الديك الفصيح”، أم تستمر كأنها “زلة لسان”، وتواصل طريق الانحدار الكبير..تلك هي المسألة التي تستحق التفكير.
من باب التماثلية مع حلم نتنياهو، ماذا لو خرج الرئيس محمود عباس وأعلن أن حلمه اليومي مرتبط بأرض فلسطين كل فلسطين..فقط تخيلوا رد فعل أمريكا، وكل المنظومة في دولة الكيان، ودول أوروبا وربما بعض عرب..أقلها قد يجد نفسه جالسا في معبر الكرامة منتظرا باص السفر..
ملاحظة: الذ وصف انحكى عن زوج سارة اللي قاله رئيس وزراء نيوزيلندا، بأنه الزلمة فقد عقله..كلمة تدرس مش للناس الغلابة لكنها لبعض المدعين أنهم حكام في بلادنا المنكوبة..بلد ما في شي بينها وبين الكيان بس اللي بيصير كركب العقل الطبيعي فحكى اللي حكاه..شكله عقل حكامنا “تيركوفت”..
تنويه خاص: جماعة حزب الله مارسوا دور بلطجة من جديد..احتلوا طريق المطار وعملوا عرض عسكري ونشروا مئات مسلحين ورفعوا رايات مش بلدهم عشان مستشار سيدهم القمي وصل بيروت..هاي بوسطة فارسية أنه العبث مش منتهي لا هان ولا هان حتى صفقة ترامب..الأدوات تبقى أدوات شو ما توشحت من شعارات..يا “مكاومين الصح”..
لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص