أمد/ سقط مساء أول أمس سنة شهداء من الأسرة الإعلامية الفلسطينية بقصف وحشي إسرائيلي لخيمتهم في مستشفى الشفاء، جميعهم عناوين، وليسوا أرقاما أو اشباحا، لهم مآثرهم وعطاءاتهم وتفانيهم في نقل الصورة والمشهد، وتسليط الضوء على الإبادة الجماعية الكارثية في قطاع غزة، تحدوا الجلاد بإرادة لا تلين، وجميعهم يعلم ان قطار الموت والشهادة قد يطالهم في كل لحظة من تغطياتهم الإعلامية في الليل والنهار، في الشمال او الوسط او الجنوب، لأن القاتل الإسرائيلي يلاحقهم خشية عدسات كاميراتهم التي لا ترمش، بل تنقل الحقيقة، وتبث متوالية الإبادة والموت والتجويع الهندسية لحظة بلحظة، ويعكسون بأصواتهم وحناجرهم الصادحة بصوت الحق والعدالة أهوال المحارق الصهيونية النازية، وينقلونها للعالم كل العالم لعله يتحرك خطوة للأمام، ويتجاوز لغة الإدانة والاستنكار والمناشدة بدعوة الإسرائيليين والأميركيين وخاصة الإدارة الجمهورية ورئيسها شخصيا دونالد ترمب لوقف الحرب، لأن كل البيانات والقرارات الأممية على أهميتها تحتاج الى هز العصا الغليظة في وجه غلاة الموت والقتل نازيو العصر.

المراسلان انس الشريف ومحمد قريقع والمصورين المرافقين لهما محمد نوفل وإبراهيم ظاهر والخالدي ومؤمن انضموا الى قافلة الضحايا من الاسرة الإعلامية الفلسطينية ال238، الذين سبقوهم، حيث فاق عدد الإعلاميين الفلسطينيين شهداء الكلمة الصادقة والصورة النابضة بالحقيقة ضحايا الصحافة في مختلف الحروب على مر التاريخ، في استهداف واضح وعن سابق تصميم وإصرار لكل صوت وكل حامل كاميرا، والمفارقة التي تكشف زيف واضاليل بنيامين نتنياهو، الذي التقى أول أمس الاحد 10 آب/ أغسطس الحالي مع ممثلي الصحافة الأجنبية في إسرائيل ليقلب الحقائق، وينشر اكاذيبه وسمومه على الشعب الفلسطيني وأبريائه الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، بعد ساعتين من تلفيقاته ومحاولته خداع ممثلي وسائل الاعلام الاجنبية، قام جيشه القاتل والموغلة يده في الإبادة الجماعية باستهداف الشريف وقريقع وزملائهم في خيمتهم داخل مستشفى الشفاء، لتنزع عملية القتل للشهداء الإعلاميين الابطال القناع عن وجهه ووجه دولته وحكومته وجيشه واجهزته الأمنية البشع والوحشي، ولتؤكد عملية الاستهداف للشباب الفلسطيني الملتزم بالمهنية الإعلامية وبرسالة الصحافة والاعلام في نقل الواقع والحقيقة كما هي، وليكونوا الشهود على الوحشية والهمجية الإسرائيلية أحياءً وأمواتا.

وجريمة قتل الصحفيين مكتملة العناصر، كجريمة حرب، وجزء من الإبادة الكارثية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفق القوانين والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية ولوائح ونظم ومبادئ الاتحادات والنقابات الصحفية والإعلامية الإقليمية والدولية، والتي تتطلب الملاحقة القانونية في محكمة الجنائية الدولية لمحاكمة رئيس الوزراء وائتلافه الحاكم وقادة جيشه واجهزته الأمنية جميعهم مجددا على الجريمة البشعة، وما سبقها وما تلاها، وما سيتلوها من جرائم إبادة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ومطالبة محكمة العدل الدولية اصدار قرارها في دعوى جنوب افريقيا المرفوعة لها في نهاية كانون اول / ديسمبر 2023، باعتبار إسرائيل اللقيطة دولة إبادة جماعية، والعمل على عزلها دوليا وفق الحكم الذي ستصدره المحكمة.

ولفت انتباهي أحد الاخوة، الى دور الدولة القطرية والقائمين على قناة الجزيرة، الذين تربطهم علاقات وثيقة بإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، أين دورها في حماية الإعلاميين من مراسلين ومصورين واداريين ومكاتب او خيام التابعة لهم ولمنبرهم، أم هناك تواطئ بينهم وبين القاتل الإسرائيلي؟ وهل تكفي عملية الرئاء من زملائهم، وهي مشاعر حقيقية من زملائهم العاملين في قناة الجزيرة، والحديث عن بطولات أنس ومحمد وإسماعيل وحمزة وأبو دقة وظاهر ونوفل وقبلهم ايقونة الاعلام الفلسطيني الشهيدة شيرين أبو عاقلة، أم هناك ضرورة لملاحقة القاتل الإسرائيلي في المحاكم الدولية وخاصة محكمة الجنائية الدولية؟ أين الحقيقة يا إدارة قناة الجزيرة؟ أم أنكم تضحون بالصحفيين لتلميع صورتكم امام الرأي العام الفلسطيني والعربي، وعلى حساب الدم الفلسطيني؟

رحل الشهداء الابطال من الاسرة الإعلامية الفلسطينية، وتم تشييعهم، ولكنهم كانوا ومازالوا وسيبقون ايقونات وشهود على الإبادة الوحشية الإسرائيلية الأميركية. وداعا أيها النبلاء وفرسان الكلمة الصادقة وناقلو الصورة والمشهد واوجاع ومجاعة شعبكم وخاصة من الأطفال والنساء والشيوخ، ولن ينساكم أبناء الشعب كل الشعب الفلسطيني. لأنكم كنتم جنود الحقيقة وصوت الحق، ورغم صعودكم الى مجد الخلود الابدي، ستبقون في سجل السلطة الرابعة عناوين خالدة ورموزا ساطعة في الدفاع عن عدالة قضية الشعب والضمير العالمي اجمع. رحمة الله غليكم واحر التعازي القلبية لأسركم وذويكم وزملائكم.

 

شاركها.