في خطوة لاقت إجماع وتأييد الشارع المغربي، ومعه فئات واسعة من الفاعلين السياسيين والمجتمعيين المغاربة، تحركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، بشكل فعّال، يوم أمس الأحد 10 غشت الجاري، من أجل وضع حد لتصرف الناشطة المثيرة للجدل ابتسام لشكر، مؤسسة حركة “مالي”، الذي وصف بالمستفز لمشاعر المغاربة والمتحدي لقيمهم ومقدساتهم.

وكانت ابتسام لشكر، التي تصف نفسها بأنها ناشطة نسوية، قد ظهرت في صورة مرتدية قميصا يحمل عبارة فيها إهانة مباشرة للذات الإلهية، قبل أن تخرج على منصة “إكس” لتؤكد أنها تتجول داخل المغرب بأقمصة معادية للدين، وذهبت إلى حد وصف الإسلام بـ “الفاشي، الذكوري، المسيء للمرأة”، وهو السلوك الذي حرّك انتقادات واسعة لهذا الاعتداء المجاني الذي ينطوي على استفزاز لمشاعر الملايين من المواطنين المغاربة.

وفور تعالي الأصوات المنددة بتصرف لشكر الذي يمس بالذات الإلهية التي تجمع الديانات السماوية والقيم الأخلاقية والإنسانية على تقديسها، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتبليغ عن هذا المحتوى الرقمي، شملت تبليغات بعشرات الآلاف على منصات “META” و”X”، فضلا عن تلقي منصة “إبلاغ” عن المحتويات الرقمية التي تنطوي على أفعال إجرامية، والتي تشرف عليها المديرية العامة للأمن الوطني، للعشرات من التبليغات من داخل المغرب وخارجه، تستنكر المحتوى الرقمي الذي نشرته ابتسام لشكر، وتم اعتباره مسيئا لمشاعر المستخدمين.

ومواكبة منها لهذا السيل من الانتقادات والأصوات المستنكرة، سارعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع النيابة العامة، إلى فتح بحث تمهيدي من أجل تحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة لابتسام لشكر، حيث جرى على الفور توقيف المعنية بالأمر ووضعها تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يروم الإحاطة بطبيعة الأفعال الإجرامية التي ينطوي عليها المحتوى الرقمي الذي نشرته.

وفي تعليقات على هذا المحتوى المثير للاستنكار الذي نشرته ابتسام لشكر، عبر مغرد عبر منصة “إكس” بالقول إن هذا التصرف “عنوان لاستخفاف مفرط بحرية التعبير”، فيما عبرت مستخدمة أخرى عن ضرورة متابعة ابتسام لشكر قضائيا بالقول إن “سلوك ابتسام لشكر الاستفزازي لمشاعر الملايين من المغاربة تصرف ينبغي أن يقع تحت طائلة القانون والمساءلة، ومقدسات المغاربة يجب أن تبقى خطا أحمر أمام كل من لا يفرق بين الحرية و’النشاط’”.

وفي مقابل ردود الفعل الشعبية الواسعة المستنكرة لهذا التصرف المستفز، ومسارعة المنابر الإعلامية المغربية المستقلة إلى تناقل قصاصات صادرة عن النيابة العامة حول توقيف المعنية بالأمر، سجّل الملاحظون نوعا من الصمت المريب في صفوف من يسمون أنفسهم مناضلي حقوق الإنسان المحسوبين على اليسار كفؤاد عبد المومني والمعطي منجب، أو الإسلاميين كحسن بناجح، الذين اختاروا دفن رؤوسهم في التراب، حيث فضل البعض منهم تقاسم ذكرياتهم على موقع “فيسبوك”، فيما كان البقية أحرص على تأبين مراسلي الجزيرة الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي عوض نصرة اسم الله الذي دنسته زميلتهم الناشطة.

فباستثناء الوزير والمحامي السابق المصطفى الرميد الذي أكد في تدوينة له أنه ليس من دعاة تصيد الهفوات أو من أنصار التشدّد، مدينا سلوك ابتسام لشكر الذي اعتبره عملا مدبّرا وتعبيرا مسيئا للذات الإلهية، مستحضرا في تدوينته هاته أن هذا التصرف لا يمس فقط الذات الإلهية، ولكنه يستهدف الثوابت الجامعة للأمة المغربية، غابت أية تصريحات للأوساط الإسلامية واليسارية التي تخرج يوميا في مسيرات مساندة لغزة ولحماس بالتحديد، وكأن المساس بالذات الإلهية ليس من مواضيع النضال المستحبة.

وإلى جانب ضبابية الموقف المعلن لبعض الأوساط اليسارية والإسلامية المغربية المألوفة، من المنتظر في الأيام القادمة تسجيل مواقف أخرى متناقضة بشأن هذا الموضوع، خصوصا من بعض الأوساط الخارجية والفرنكوفونية على وجه الخصوص، وأجنحتها بالداخل المغربي وبالمحيط المغربي القريب، والتي ستعمل جاهدة على محاولة استغلال هذه الواقعة للعب على وتر الحريات في محاولة منها لاستهداف المغرب وضرب صورته.

ويبقى الثابت في هذه القضية، هو أن السلطات المغربية كشفت عن رغبة سيادية واضحة وعن عزم حازم على حماية مقدسات المغاربة والوقوف بشكل صارم أمام أي اعتداء مباشر على معتقدات ملايين المسلمين ومعهم المسيحيين واليهود، وذلك على اعتبار أن الحرية لا تعني السماح بإثارة الفتنة أو الاستهزاء بالمقدسات الدينية التي تربط أفئدة الجميع.

المصدر: هسبريس

شاركها.