صباح محمد الحسن
طيف أول:
وثمّة قيدٌ تجاوز مدن الشكّ الغاضبة، ولوّح مودّعًا نحو أطراف اليقين.
وبعد أن أصدرت دولة الإمارات قراراتها بقطع العلاقات الاقتصادية وتجارة الموانئ بينها وبين السودان، والتي لم تقابلها الحكومة بردّة فعل واضحة عبر أيّ قرار ضدها، أصدرت الخارجية الإماراتية بالأمس بيانًا دعت فيه الأطراف المتحاربة إلى الحوار
وقد لا تكون دعوة الخارجية لإنهاء الصراع في السودان، وتأكيدها لمساعيها في تحقيق السلام قد جاءت صدفة؛ فالدولة قبل يومين فقط وضعت حدا لإستمرار المصالح بينها وحكومة السودان، ولم تمهلها فرصة حتى تضع خطة بديلة لتعويض خسارتها من التجارة والتصدير المتبادل بينهما، حيث قال مجلس الدفاع والأمن برئاسة البرهان في اجتماعه بعد القرار: “إنه يبحث الاحتياطات الواجب اتخاذها من جانب حكومة السودان”.
وقالت الخارجية الإماراتية في بيانها: “إن الإمارات تؤكّد عزمها العمل مع الشركاء لتعزيز الحوار وحشد الدعم الدولي لمعالجة الأزمة الإنسانية بالسودان، وتؤكّد دعمها لعملية سياسية يقودها المدنيّون في السودان وتضع احتياجات الشعب فوق مصالح أيّ طرف”.
وجاءت دعوة الإمارات بالرغم من أن الحكومة بورتسودان سبقتها برفض في القاهرة، قبل أن تقطع الاخيرة علاقاتها الاقتصادية ، حيث أكّد رئيس الوزراء كامل إدريس، خلال مؤتمر صحفي عقده في القاهرة، عدم وجود أيّ مفاوضات مع دولة الإمارات.
ولم تأتِ هذه الدعوة صدفة، لأنه ليس من المنطق أن تعلن الحكومة الإماراتية قطع حبال الوصل، ثم تأتي لتمدّ يدها بدعوة للحوار والسلام بين طرفي الحرب في هذا التوقيت ، فدعوتها لن تحظى باستجابة من الحكومة السودانية في ظل هذه التوترات السياسية والاقتصادية.
فالسلطة الانقلابية لن تكتفي بالإهمال لهذه الدعوة، ولكن ربما التعامل معها يأتي بالرفض القاطع، لأن حكومة بورتسودان ربما ترى أن الإمارات التي أصدرت قرارات حاسمة أضرّت بها وبمصالحها، وبهذا تبقى الاستجابة لها كوسيط سلام غير مقبولة، ناهيك عن أن الحكومة في آخر بيان لها أدانت أبوظبي واتهمتها بتأجيج الصراع في السودان.
ولكن،ماذا قصدت الإمارات بدعوتها للحوار بين طرفي الصراع بعد مرور 24 ساعة من قرار القطيعة!!
فقد تعود الخطوة لثلاثة أسباب:
أولًا: أن الإمارات التقطت دعوة تقرير المجلس الأوروبي حول الدور العربي لوقف الحرب في السودان، والذي شدّد في تقريره على ضرورة حشد الدعم الإقليمي، وخاصة من دول الخليج، للقوى المدنية السودانية. وقال إنّه يُنظر إلى دول الخليج على أنها جهات فاعلة مؤثرة في المنطقة، ويمكن بدعمها أن تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار والتحول الديمقراطي في السودان. كما يؤكّد التقرير على أهمية دور القوى المدنية في قيادة عملية السلام والتعافي في السودان، ويرى أنها تمتلك القدرة على بناء توافق وطني شامل وتحقيق الاستقرار المستدام.
فهل استجابت الإمارات لدعوة المجلس وبدأت فعليًا في تحرّكات جادّة لتثبت أن دول الخليج قادرة على لعب هذا الدور الذي يمكن أن يرسم خارطة طريق جديدة لتنفيذ الحل الدولي المطروح؟
ثانيًا: ربما تريد الإمارات أن تكشف بدعوتها عن تحرّك جديد للجنة الرباعية من نقطة مختلفة، وأرادت أن تقوم بصياغة المقدّمة عبر دعوتها أمس للحوار بين طرفي الصراع، سيّما أنها قالت: “العمل مع الشركاء لتعزيز الحوار”.
ثالثًا: وبما أن القرارات الاقتصادية ليست بمعزل عن العلاقات السياسية، فربما أن الحكومة الإماراتية اتخذت هذه القرارات للضغط على التنظيم الإسلامي اقتصاديًا من أجل أن تحقق بها مكاسب سياسية إن استجابت سلطة بورتسودان . فهل تتجه الإمارات إلى أسلوب المقايضة السياسية بالقرارات الاقتصادية مع الحكومة؟
فالتوقيت الذي اختارته الإمارات في ظل هذه التوترات بينها وبين السلطة الانقلابية ، يؤكّد أن دعوتها للحل السلمي لم تأتِ صدفة. فهل اهتمام الإمارات في هذه الأيام ما بين “قطع ووصل” له آثاره السياسية على الحرب في السودان!!
طيف أخير:
التجمّع الاتحادي: نرفض وندين ما تقوم به ما يُعرف بـ”الخلية الأمنية” من حملات اعتقال واسعة تطال المواطنين والناشطين، وعلى رأسهم أعضاء لجان المقاومة، في استهداف سياسي واضح يهدف إلى إسكات الأصوات المطالبة بوقف الحرب.
نقلاً عن صحيفة الجريدة السودانية
المصدر: صحيفة التغيير