أمد/ حذرتُ في تحليلات سابقة من أن إصرار حماس على مواقفها يدفع غزة من الكارثة إلى حافة الهاوية. ففي هذه المرحلة المتأخرة من الحرب، تجاوزت إسرائيل المنطق السياسي المعتاد، حيث باتت الإبادة والتهجير خيارين مطروحين بشكل جدي، مما يعكس تحولاً خطيراً في أهداف إسرائيل من الحرب.
خطورة الخطاب المكرر وعجز الردع
الردود التي صدرت عن حماس على قرارات “الكابينيت” الإسرائيلي، بأن السيطرة على ما تبقى من غزة “لن تكون نزهة”، هي مجرد تكرار للخطاب الذي سمعناه قبل اجتياح رفح. وها هي رفح اليوم مطوقة بالكامل وتحت السيطرة الإسرائيلية، دون أن تتمكن الوسائل القتالية للمقاومة من منع ذلك. يكفي هذه العنتريات، فقد دخلت الحرب مرحلة متقدمة لا تحتمل الشعارات. فالخطاب الذي تقدمه حماس ليس أكثر من شعارات استهلاكية تهدف إلى إخفاء العجز العسكري ورهاناته الكارثية.
وفي المقابل، تطبق إسرائيل معادلة الهدم الدفاعي، وهي استراتيجية قائمة على تدمير المباني لحرمان الخصم من السيطرة وحماية جنودها. إن هذا ما سيطبق بالفعل على ما تبقى من مدينة غزة، حيث يُخشى أن يكون الثمن باهظًا على المدينة إذا غابت الحكمة واستمرت حماس في عنادها.
المبادرة المصرية القطرية: بصيص أمل
في ظل هذا المشهد، تبرز المبادرة المصرية القطرية كحل ممكن وأمثل لغزة. يجب على الأطراف المسؤولة أن تدرك أن خطة إسرائيل تعتمد على الضغط الميداني والتهديد السياسي معًا، وليس مجرد ورقة للتلويح كما يروج إعلام حماس، بل هو واقع مرير يتحقق على الأرض يومًا بعد يوم. إن الشعارات وحدها لا تكفي لتحقيق النصر أو ردع العدو. إن استمرار العناد له تداعياته الكارثية على أرض الواقع، مما يمنح إسرائيل مبرراً لتجاوز المنطق السياسي للحرب.
لتجنب الإبادة والتهجير، يجب التركيز الآن على إنهاء الحرب والقبول بحل فعلي يمثل المخرج الوحيد الممكن. المعادلة واضحة: الأزمة هي غزة على حافة الهاوية، والحل المقترح هو المبادرة المصرية القطرية. إن هذه المبادرة تمثل فرصة كبيرة تلبي الحد المقبول للخروج من هذه الأزمة وتجنب الناس الأسوأ. ولذلك، من الضروري قبولها، خاصة وأن هذا الحل كان يجب أن يُقدم ويُقبل منذ اليوم الأول للحرب.