طالبت 126 منظمة حقوقية ومدنية من مختلف أنحاء العالم، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإجراء إصلاحات جذرية داخل منظمة الأمم المتحدة، تشمل مراجعة آليات اتخاذ القرار وفي مقدمتها تقليص الصلاحيات التنفيذية الممنوحة للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، وفي طليعتها حق النقض (الفيتو)، الذي اعتبرته هذه المنظمات أحد أبرز العوائق أمام العدالة الدولية واحترام حقوق الشعوب.
وأكدت المنظمات، في بيان مشترك موجه إلى غوتيريش، أن تفرّد بعض الدول باستخدام الفيتو، واستغلاله لعرقلة قرارات دولية داعمة لحقوق الشعوب، ساهم في إدامة الاحتلال والانتهاكات، وكرّس اختلال ميزان العدالة في النظام الأممي، مطالبة بإيجاد آليات تشاركية تحد من هذا الامتياز، وتمنع توظيفه لضرب الإرادة الدولية.
ودعت المنظمات إلى جعل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبارها الهيئة الأكثر تمثيلا للدول الأعضاء، أكثر نفاذا وإلزامية، مع إحداث آليات واضحة لتنفيذ القرارات الصادرة عنها، خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الحق في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة.
وطالبت المنظمات الموقعة بإقامة نظام دولي جديد متعدد الأطراف، يكون أكثر عدالة وفعالية وشرعية وديمقراطية، مشددة على ضرورة أن تضطلع الأمم المتحدة بدور محوري في هذا النظام، من خلال التعاون بين الدول ذات السيادة، لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وتحقيق التنمية المستدامة، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع.
كما دعت إلى إصلاح منظومة حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة، بما يضمن بناء نظام أكثر كفاءة واستجابة، يخدم مصالح الشعوب، ويعزز حقها في تقرير مصيرها، ويضع حدًا للازدواجية في التعامل مع القضايا الحقوقية الدولية.
وفي سياق المطالب نفسها، شددت المنظمات على ضرورة فتح المجال أمام مشاركة أوسع للمجتمع المدني في عمليات إصلاح المنظمة، واعتماد آليات ديمقراطية تشاركية في صناعة القرار الأممي، بما يضمن شفافية أكبر، ويحد من غلو الدول الكبرى واستفرادها بتحديد مصير الشعوب.
وتأتي هذه الدعوة الجماعية دعمًا لمبادرة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة في 12 مارس الماضي، بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة الأممية، والتي حذّر فيها من تزايد الاعتداءات على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتصاعد انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستهداف المدنيين والبنية التحتية، وتسييس الغذاء والماء، وتآكل منظومة حقوق الإنسان.
وحذّرت المبادرة الأممية من التعامل الانتقائي مع ميثاق الأمم المتحدة، ودعت إلى ضرورة احترام نصه وروحه، والتصدي لأي تطبيع مع انتهاكاته، مؤكدة أن العالم في حاجة ماسة إلى منظومة أممية أكثر قدرة على التكيّف مع المتغيرات، والانفتاح على المجتمع المدني والشباب، وبناء ديناميات جديدة قائمة على الشمولية والتجدد والتعددية.
وعبّرت المنظمات الحقوقية عن دعمها الكامل لمبادرة الأمين العام، وشددت على أن الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة يجب أن تكون مناسبة لإعادة الالتزام الجماعي بالمبادئ التي قام عليها الميثاق الأممي، مؤكدة أن البشرية اليوم أمام امتحان عسير، وأن القيم الإنسانية المشتركة التي راكمها العالم مهددة، في ظل استمرار مظاهر الفقر، والفساد، والحروب، والتمييز، وانتهاك السيادة.
المصدر: العمق المغربي