تشهد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) تغييرات هيكلية لافتة، بعد قرار واشنطن فصلها عن القيادة الأمريكية لأوروبا وإفريقيا (USAREURAF) وتعيين قائد جديد صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخراً، ما عزز النقاش حول مستقبل هذه القيادة وإمكانية نقل مقرها من شتوتغارت بألمانيا إلى القارة الإفريقية، وسط تداول اسم المغرب، وخاصة مدينة القنيطرة، كأحد أبرز المرشحين لاحتضانها.

الخبير العسكري عبد الرحمان مكاوي أوضح أن تعيين القائد الجديد لـ”أفريكوم”، الجنرال أندرسون، خلفاً للجنرال لانغلي، ترافق مع إشاعات قوية حول نية الولايات المتحدة نقل القيادة من أوروبا إلى إفريقيا.

وحسب تصريح أدلى به مكاوي لهسبريس فقد شملت قائمة الدول التي تم تداولها المغرب والسنغال وغامبيا، ويضيف أن الجانب المغربي اقترح عدداً من المدن والأقاليم الجنوبية، مثل العيون والداخلة وبوجدور وأكادير، غير أن الأمريكيين أبدوا ميلاً لاختيار القنيطرة أو القصر الكبير، لأسباب تاريخية وتقنية ولوجيستية، من بينها وجود قاعدة جوية أمريكية سابقة بالقنيطرة، ورغبتهم في توسيع مدرجاتها لاستقبال طائرات عسكرية ضخمة من طراز “C5 Galaxy” أو “C17 Globemaster”، تتطلب تجهيزات خاصة.

كما أشار الخبير ذاته إلى أن قرب القنيطرة من الأسطول السادس الأمريكي المتمركز في البحر الأبيض المتوسط، ومن القواعد الأمريكية في إسبانيا والبرتغال، يشكل عاملاً إستراتيجياً إضافياً، فضلاً عن اعتبارات أمنية واستخباراتية؛ لكنه شدد على أن المباحثات مازالت جارية.

وحول التداعيات المحتملة يرى المتحدث أن إقامة مقر لـ”أفريكوم” في المغرب قد يحمل انعكاسات إيجابية على المستوى المحلي، من حيث خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط الحركة الاقتصادية، واستقطاب الكفاءات التقنية واللغوية، لافتاً إلى أن القواعد العسكرية الأمريكية غالباً ما تتحول إلى “مجتمع مصغر” يضم خدمات وبنية تحتية متكاملة، وذكّر بأن المغرب احتضن في السابق قواعد أمريكية في النواصر والقنيطرة ومراكش خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها.

من جهته أكد حسن سعود، الباحث في المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، أن الولايات المتحدة تنظر إلى المغرب باعتباره قوة إقليمية وركيزة إستراتيجية في إفريقيا والمتوسط، بفضل موقعه الجغرافي الذي يجعله بوابة نحو القارتين الإفريقية والأوروبية.

وأوضح سعود، ضمن تصريح لهسبريس، أن اختيار المغرب لاستضافة “أفريكوم” إذا تم سيكون منسجماً مع معايير عسكرية وأمنية واضحة، ومع سمعة المملكة ومصداقيتها كشريك موثوق في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي.

ويرى الباحث ذاته أن وجود “أفريكوم” في القنيطرة، إن تحقق، سيستفيد من البنية التحتية العسكرية القائمة، بما فيها منشآت لوجيستية ومدارس عليا للتكوين العسكري، فضلاً عن التوجه إلى إنشاء مركز إستراتيجي للدراسات العسكرية، يتعلق بالمركز الملكي للدراسات والأبحاث الدفاعية الذي أعلن عنه الملك محمد السادس، بما يخدم القارة الإفريقية بأسرها.

وفي ظل استمرار المفاوضات بين واشنطن والرباط يبقى الحسم رهيناً بقرارات سياسية وعسكرية عليا، في وقت يترقب المراقبون ما إذا كان عام 2025 سيشهد أكبر تحول في تاريخ “أفريكوم” منذ إنشائها سنة 2007.

المصدر: هسبريس

شاركها.