أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ667 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.

وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.

في اليوم الـ139 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.

استشهد وأصيب العديد من المجوّعين ومنتظري المساعدات نتيجة استهدافهم بنيران الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، في وقت يدعي الاحتلال عمله من أجل توفير “ممرات آمنة” وإتاحة الوصول إلى حمولات المساعدات التي يتم إسقاطها من الجو على القطاع.

واستشهد 57 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، منذ فجر السبت، بينهم 35 من طالبي المساعدات، في غارات إسرائيلية متواصلة استهدفت جنوبي مدينة غزة خيام نازحين في خانيونس ومناطق متفرقة في قطاع غزة، بحسب مصادر طبية ومحلية.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أكدت أن “أسوأ سيناريوهات المجاعة آخذة في التحقق”، محذّرة من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة باتوا مهددين بالموت جوعًا، بينما تبث المقاومة مشاهد لتفجير عبوات واستهداف قوات الاحتلال في محاور جنوب القطاع.

سياسيًا، تراجعت فرص التوصل إلى صفقة تبادل، وفق قنوات إسرائيلية، في وقت جددت حماس استعدادها للعودة إلى المفاوضات بشرط إدخال المساعدات ووقف المجاعة، بينما لوّحت إسرائيل بمهلة زمنية محدودة قبل تنفيذ خطة ضم المنطقة العازلة شرقي غزة.

بدورها، نددت حركة “حماس”، يوم السبت، بتصرحات المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، خلال زيارته إلى مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، ووصفتها بأنها “مسرحية مُعدّة مسبقًا لتضليل الرأي العام وتلميع صورة الاحتلال”.

ارتفاع حصيلة الضحايا

أعلنت مصادر طبية، يوم السبت، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 60,430، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 148,722، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 98 شهيدا (15 شهيدا منهم انتُشلت جثامينهم)، و1,079 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية، فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/ مارس الماضي بعد خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار 9,246 شهيدا، و36,681 مصابا.

وبينت أن حصيلة من وصل إلى المستشفيات من شهداء المساعدات خلال الساعات الـ24 الماضية 39 شهيدا، و849 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات إلى 1,422، والإصابات إلى 10,067.

ولفتت إلى أن هناك عددا من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى

استشهد مواطنان وأُصيب آخرون، مساء السبت، جراء غارة لطيران الاحتلال استهدفت منزلًا في محيط عيادة الشيخ رضوان شمال غربي مدينة غزة.

شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، مساء السبت، غارة على منطقة شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة، دون أن تُعرف بعد طبيعة الأضرار أو وقوع إصابات.

أفادت مصادر طبية بوصول 8 شهداء إلى مستشفى الشفاء، جراء إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على مواطنين أثناء انتظارهم للمساعدات في منطقة زيكيم شمال غربي قطاع غزة.

 استشهد 35 مواطنا على الأقل، وأُصيب آخرون، منذ فجر اليوم السبت، بنيران وغارات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على قطاع غزة.

وفي مجزرة جديدة استهدفت المجوّعين، استشهد 8 مواطنين وأصيب آخرون برصاص قوات الاحتلال، أثناء انتظارهم “مساعدات” شمال قطاع غزة.

وفي وسط القطاع، استشهدت عائلة القريناوي المكونة من 5 أفراد (رجل وزوجته وأطفالهما الثلاثة)، عقب استهداف الاحتلال منزلهم جنوب بلدة الزوايدة. كما استشهد مواطن وأُصيب آخرون في غارة للاحتلال استهدفت تجمعا للمواطنين في بلدة الزوايدة.

واستشهد 5 مواطنين وأصيب آخرون، برصاص الاحتلال الإسرائيلي، قرب نقطة “توزيع مساعدات” في محيط مفترق الشهداء.

وفي جنوب القطاع، استشهد 3 مواطنين وأُصيب آخرون في هجوم بالقنابل نفذته طائرات الاحتلال المسيّرة على خيام النازحين قرب مفترق الصناعة شمال مدينة خان يونس.

واستشهدت مواطنة وابنتها باستهداف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين غرب خان يونس. كما استشهد 3 مواطنين من منتظري “المساعدات”، برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع في شارع الطينة جنوب خان يونس.

واستشهدت مواطنة في غارة للاحتلال على حي الأمل شمال غرب خان يونس.

وخلال ساعات الليل، واصل جيش الاحتلال تنفيذ عمليات نسف لمنازل ومنشآت في المناطق الشرقية لخان يونس.

وفي رفح، استشهد مواطن وأُصيب 25 آخرون بإطلاق جيش الاحتلال النار على منتظري “المساعدات” قرب نقطة توزيع غرب المدينة.

 وفي شمال القطاع، أُصيب عدد من المواطنين جراء غارة للاحتلال استهدفت شقة لعائلة اليازجي قرب شارع عايدية غرب مدينة غزة.

واستشهد 3 مواطنين وأُصيب 10 آخرون في غارات للاحتلال شمال غرب قطاع غزة. وفي مدينة غزة، استشهد 3 مواطنين آخرين في قصف للاحتلال استهدف تجمعا للمواطنين في حي الشجاعية شرقا.

وأعلنت مصادر طبية في مستشفيات القطاع، أن أعداد المرضى والجرحى باتت تفوق القدرة الاستيعابية للمستشفيات، حيث بلغت نسب إشغال الأسرّة في مستشفى الشفاء 240%، وفي مستشفى الرنتيسي 210%، وفي مستشفى ناصر 180%، أما في المستشفى الأهلي العربي فقد بلغت 300%.

وأضافت، أن المستشفيات تلجأ لفرش الممرات والأرضيات لاستيعاب الزيادة في أعداد المرضى والمصابين.

أفادت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة، اليوم السبت، بتسجيل 7 حالات وفاة جديدة نتيجة سوء التغذية والمجاعة بينهم طفل واحد، خلال الساعات الـ24 الماضية.

وأضافت أن إجمالي عدد ضحايا المجاعة ارتفع إلى 169 شهيدا، من بينهم 93 طفلا.

يشار إلى أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة في التفاقم، في ظل الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتغلق سلطات الاحتلال منذ 2 آذار/ مارس 2025 جميع المعابر مع القطاع، وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، نتيجة لاستمرار الحصار.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن معدلات سوء التغذية في غزة وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق، وأن الحصار المتعمد وتأخير المساعدات تسببا في فقدان أرواح كثيرة، وأن ما يقارب واحدا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني سوء تغذية حادا.

 استشهد 22 مواطنا، فجر يوم السبت، بينهم 12 من منتظري المساعدات، و3 نساء، برصاص وقصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غزة.

وأفادت مصادر طبية، بوصول 12 شهيدا مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة من منطقة المساعدات في محور “نتساريم”.

وحسب المصادر ذاتها، استشهد المواطن حامد ابراهيم القريناوي وزوجته وأبنائه الثلاثة جراء استهداف طائرات الاحتلال منزلهم في بلدة الزوايدة وسط القطاع.

وأشارت إلى ارتقاء ثلاثة مواطنين من عائلة سمور واصابة آخرين جراء إلقاء قنبلة من طائرة مسيرة تابعة للاحتلال على خيام النازحين بالقرب من مفترق الصناعة شمال مدينة خان يونس.

كما استُشهدت سيدتان جراء قصف خيمة شمال غرب مدينة خان يونس؛ وهن: رنا رمزي يحيى أبو حمرة، ووالدتها هناء أبو حمرة.

مفاوضات وقف إطلاق النار

كشفت مصادر صحفية عبرية عن اتصالات “متقدمة” بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لبحث اقتراح يمنح حركة حماس “مهلة” للإفراج عن جميع الرهائن مقابل تجنب عملية عسكرية حاسمة.

تفاصيل “الاقتراح الشامل” لإدارة غزة

وفقًا للصحفي في القناة 12 العبرية، يتضمن الاقتراح بنودًا رئيسية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد في قطاع غزة:

نزع السلاح الكامل من قطاع غزة.

الإفراج عن جميع الرهائن والمحتجزين.

إقامة إدارة مؤقتة لقطاع غزة بقيادة أمريكية تحت مظلة الأمم المتحدة.

الهدف من هذا الاقتراح هو “التوصل إلى اتفاق شامل لإدارة القطاع وتحسين الأوضاع الأمنية والإنسانية”. وتأتي هذه الخطوة في ظل اتهامات إسرائيلية لحماس بـ”المماطلة وعدم الانخراط” في المفاوضات الجارية.

تهديد بعملية عسكرية حاسمة

وأشارت المصادر إلى أنه “إذا لم تستجب حماس” لهذه الشروط، فإن إسرائيل ستشرع في عملية عسكرية لحسم المعركة ضدها.

ويتكوف وانهاء الحرب

قال المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يوم السبت، إن غالبية سكان قطاع غزة يريدون إعادة الرهائن الإسرائيليين.

واضاف، ويتكوف أن “هناك صعوبات نقص لكن لا يوجد تجويع في قطاع غزة، وبعد أن نفنّد هذه المزاعم من حماس سنكون قادرين على مواصلة التفاوض لإنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن”.

أضاف: “الخطة ليست توسيع الحرب بل إعادة الجميع إلى الديار من خلال صفقة واحدة وإنهاء الحرب. نعتقد أنه يجب تغيير مسار المفاوضات إلى خيار إما كل شيء أو لا شيء. إنهاء الحرب وإعادة جميع المختطفين الخمسين إلى ديارهم في آن واحد هذا هو السبيل الوحيد.”

أوضح: “أولويتنا الأولى هي إعادة جميع المختطفين إلى ديارهم. ترامب يؤمن بضرورة إطلاق سراح الجميع، ويجب الحفاظ على من بقي على قيد الحياة.”

وتابع: “نعرف من على قيد الحياة، وسيقع اللوم على أحد إن لم يخرج حيا. الولايات المتحدة تؤيد هذا البيان”.

صفقة “الـ 60 يومًا” لا تزال مطروحة

من جهته، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن “الصفقة الجزئية التي تشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا في غزة لا تزال مطروحة”. وأضاف المسؤول أنه “لم يتم اتخاذ قرار إسرائيلي نهائي بتغيير المسار بشأن المفاوضات”، مؤكدًا أن “نحن عند مفترق طرق وحماس تماطل ولا تنخرط، لكن هذا قد يتغير قريبًا”.

شاركها.