الأحد 3 غشت 2025 00:05
انطلقت طائرة تابعة لسلاح الجو الأردني يوم الأربعاء الماضي في مهمة إسقاط جوي فوق قطاع غزة. وأتاحت الرحلة لفريق من صحيفة “واشنطن بوست” فرصة نادرة لتوثيق الدمار من الجو على ارتفاع منخفض، في واحد من المشاهد الأولى المباشرة التي تلتقط من هذا النوع منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
ومن على متن الطائرة ظهرت مشاهد مروعة: أحياء كاملة من المباني المنهارة، ومساحات شاسعة تملؤها الخيام البيضاء التي أقامها النازحون، حيث لا أثر يذكر لما كانت عليه الحياة قبل الحرب. الامتداد العمراني للقطاع بدا مهشمًا إلى حد كبير، وبدت آثار القصف واضحة في كل زاوية، بينما حلّت الخيام مكان المدارس والمراكز الصحية والمساجد.
الصور التي التقطتها المصوّرة الصحافية هايدي ليفين، أظهرت حجم التدمير الهائل الذي خلّفته الغارات الإسرائيلية، حيث تشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى مقتل أكثر من 60 ألف شخص منذ اندلاع الحرب، في حين شُرّد معظم سكان القطاع. وتعتبر هذه المشاهد الجوية من أولى التغطيات الصحافية التي تحصل على تصريح ضمن مهمة مساعدات إنسانية، في الوقت الذي تفرض السلطات الإسرائيلية قيودًا صارمة على دخول الصحافيين إلى غزة.
وحسبما ورد في التقرير فقد حلقت الطائرة الأردنية على ارتفاع منخفض نسبياً لإسقاط المساعدات، الأمر الذي مكّن الفريق الصحافي من رصد تفاصيل دقيقة لأحياء دُمّرت بالكامل، ولخيام نُصبت فوق أطلال المدارس والمستشفيات. وقال أحد أفراد طاقم الطائرة إن المنظر من الأعلى “صادم”. وأوضح أنه شارك في مهام مماثلة العام الماضي، لكن هذه الجولة أظهرت دماراً مضاعفًا، مشيرًا إلى أن “كل شيء اختفى تقريبًا، المباني اختفت، لا شيء سوى الخيام. المشهد مفجع”.
وتشير الصور إلى أن مخيم جباليا للاجئين كان من أكثر المناطق تضررًا، حيث تعرّض لحصار كامل بين أكتوبر وديسمبر 2024، عندما مُنعت المساعدات والطواقم الطبية من دخول أجزاء كبيرة منه. وقد سُوّيت مدارس بالأرض بالكامل، بينها مدرسة الزهاوي ومدرسة العودة الابتدائية، بينما بدت أنقاض وزارة الاقتصاد ومركز صحي تابع لـ”الأونروا” في حالة دمار تام.
وتبرز الصور كذلك خيامًا منصوبة على طول الساحل الجنوبي للقطاع، في مناطق مفتوحة تحولت إلى ملاجئ مؤقتة لمئات الآلاف من النازحين. وفي ظل هذا الوضع الإنساني المتدهور تستمر بعض الدول في تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات، لكن منظمات إنسانية دولية أكدت أن هذه الوسيلة تبقى أقل فاعلية بكثير من إيصال المساعدات عبر المعابر البرية.
ووفق ما أوردته الصحيفة، فإن موجات سابقة من عمليات الإنزال الجوي تسببت في مقتل بعض المدنيين نتيجة سقوط الصناديق الثقيلة أو الغرق أثناء محاولتهم الوصول إلى المؤن التي سقطت في البحر. كما نُقل عن طاقم الطائرة تأكيدهم أن السكان يواجهون مجاعة حقيقية، وأن استمرار هذه الأوضاع يهدد حياة مئات الآلاف في القطاع.
المصدر: هسبريس