في بلد يُنتج أكثر من 90% من احتياجاته الدوائية محليًا، تمر مصر اليوم بأخطر أزمة دوائية في تاريخها الحديث، أزمة تهدد حياة الملايين الذين ينامون على أمل العثور على جرعة دواء مفقودة.
الأسواق تشهد اختفاءً متسارعًا لأدوية حيوية، أبرزها أدوية الأمراض المزمنة، الأورام، وزراعة الكلى، فيما تنهار شركات توزيع تحت ضغط الديون وتغلق أخرى أبوابها بالكامل، نتيجة أزمة سيولة خانقة وارتفاع الشيكات دون رصيد.
ثلثا مصانع الأدوية تعمل بأقل من 60% من طاقتها الإنتاجية، في وقت تعتمد فيه الصناعة على مواد خام مستوردة يصعب الحصول عليها بسبب شح الدولار. وتواجه هيئة الشراء الموحد اتهامات بتأخير مستحقات تبلغ نحو 30 مليار جنيه.
وسط هذا المشهد، تعود السوق السوداء بقوة، مدفوعة بفوضى تسعير وغياب رقابة فعالة، ما أدى إلى قفزات سعرية غير رسمية تُثقل كاهل المرضى، فيما تتبادل الحكومة والشركات الاتهامات بين مطالبات بالدعم وسداد الديون، وشكاوى من مغالاة وتكاليف إنتاج مبالغ فيها.
وفي الخلفية، تلوح استثمارات أجنبية تحاول اقتناص الفرصة، ما يثير القلق بشأن مستقبل الصناعة المحلية، في ظل حديث عن صفقات غامضة وفساد محتمل.
هل تتدخل الدولة لإنقاذ ما تبقى من الصناعة؟ أم أن دواء المصريين بات رهينة الحسابات الاقتصادية؟