اعداد/ أكرم إبراهيم البكري

مقدمة:

يعد إقليم دارفور وغرب كردفان من أكثر الأقاليم السودانية غنى بالموارد الطبيعية، لا سيما في مجالي الثروة الحيوانية والزراعة النقدية، مثل الفول السوداني والصمغ العربي. ومع تفاقم الأزمات السياسية والأمنية، يزداد الحديث عن احتمالات انفصال أقاليم دارفور عن الدولة المركزية. أهدف في هذا التقرير إلى تحليل الأثر الاقتصادي المحتمل لانفصال دارفور وغرب كردفان عن السودان، من حيث انعكاسه على الناتج المحلي الإجمالي، الصادرات، الأمن الغذائي، وسوق العمل.

أولا إسهام دارفور وغرب كردفان في الناتج القومي للثروة الحيوانية

تشير تقارير وزارة الثروة الحيوانية (2021) إلى أن ولايات دارفور الخمس وغرب كردفان تسهم مجتمعة بما يزيد عن 55% من حجم القطيع القومي في السودان. وتتوزع الثروة الحيوانية في هذه الأقاليم كما يلي:

دارفور الكبرى تضم ما يربو على 20 مليون رأس من الأبقار، الأغنام، الماعز، والإبل
غرب كردفان تعد منطقة رعوية بامتياز، وتشكل مركزًا رئيسًا لتربية الإبل والبقر، وتحتضن طرقًا تقليدية للتنقل الرعوي والتجارة مع دول الجوار (تشاد، إفريقيا الوسطى، وجنوب السودان)
وتمثل هذه القطاعات مصدر رئيسي لتوفير اللحوم الحمراء، الألبان، والجلود، وتغذي الأسواق المحلية والمسالخ الموجه للتصدير

إثر الانفصال :

قد يكون اثرا لانفصال انخفاض حاد في صادرات اللحوم والجلود، حيث تشير بيانات الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس إلى أن أكثر من 60% من صادرات اللحوم تأت من مناطق دارفور.
اضطراب سلاسل الإمداد إلى ولايات المركز، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم ومنتجات الألبان في كافة السودان فقدان العملة الصعبة نتيجة لانكماش حجم الصادرات الحيوانية للسوق العربية.

ثانيا إسهام الإقليمين في المحاصيل النقدية

. 1/ الصمغ العربي
تأتي أكثر من 70% من إنتاج الصمغ العربي من ولايات كردفان ودارفور، ويُعد السودان المصدر الأول عالمياً لهذه المادة.
تُعد شجرة الهشاب، التي تنتشر بكثافة في غرب السودان، العمود الفقري لهذا القطاع

. 2/ الفول السوداني والسمسم
شمال ووسط دارفور تسهم بإنتاج وفير من الفول السوداني المستخدم في التصدير والصناعات الغذائية
غرب كردفان وشرق دارفور تنتجان كميات كبيرة من السمسم، الذي يُصدر إلى الأسواق الآسيوية (الصين والهند)

. 3/ الكركدي، الدخن، الذرة، والدخن الأبيض
تستخدم هذه المحاصيل للتجارة الداخلية والخارجية، وتمثل موردًا مهمًا للغذاء المحلي
أثر الانفصال…

خسارة نسبة معتبرة من المحاصيل النقدية المصدرة، حيث إن صادرات الصمغ والفول السوداني تشكل نسبة تصل إلى 45% من عائدات الصادرات غير النفطية
انكماش الإنتاج الصناعي الزراعي الذي يعتمد على هذه المواد الخام، خاصة مصانع الزيوت ومصانع الحلويات
تعقيد سلاسل الإمداد الغذائي الداخلي، مما يهدد الأمن الغذائي في وسط وشمال السودان

ثالثاً الآثار العامة على الناتج القومي والاقتصاد الكلي

. 1/ انخفاض الناتج المحلي الإجمالي
وفق تقرير البنك الدولي (2022)، فإن أي فقد لمناطق الإنتاج الزراعي والرعوي في السودان سيؤدي إلى تراجع مباشر في الناتج القومي بمعدل يُقدر بـ 1520

. 2/ تدهور الميزان التجاري
تقلص الصادرات الزراعية والحيوانية سيزيد من عجز الميزان التجاري، ويزيد الاعتماد على الاستيراد لسد الفجوة الغذائية والبروتينية

. 3/ تزايد البطالة والفقر
تعتمد نسبة كبيرة من القوى العاملة الريفية في السودان على الأنشطة الزراعية والرعوية، وانفصال هذه الأقاليم سيفقد الآلاف مصدر رزقهم المباشر، ويُسرع من وتيرة الهجرة الداخلية.

في الختام فان انفصال دارفور وغرب كردفان حال وقوعه لن يشكل مجرد فقدان سياسي أو جغرافي للسودان، بل سيكون بمثابة زلزال اقتصادي يضرب أهم ركائز الأمن الغذائي والصادرات. لذلك، فإن الخيار الأفضل هو توسيع قاعدة الحكم اللامركزي، وتمكين الأقاليم اقتصاديا وإداريا، وإشراكها في رسم السياسات الاقتصادية، بدلاً من تجاهل دورها المحوري في الاقتصاد القومي.

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.