في ظل منظومة سياسية فاشلة فقدت البوصلة، وتنظيمات حزبية عقيمة عاجزة عن إنتاج البدائل وبعيدا عن النقد البناء والدعوة إلى الإصلاح لم يعد مستغربا لجوء بعض النخب الحزبية إلى تصريف بؤسهم السياسي عبر استهداف الأطر الصحية النبيلة والتمريضية خصوصا، في محاولة فاشلة للفت الأنظار وركوب الأمواج بحثا عن تراند سياسي، في تجاهل ونكران لتضحيات هذه الفئة التي كانت ولازالت صمام الأمان في الصفوف الأمامية بمختلف الأزمات الوطنية، رغم ضعف الإمكانيات وصعوبة ظروف العمل، اختار البعض شن هجمات ممنهجة أحيانا وعشوائية في بعض الأحيان على مهنة التمريض وأطرها، خاصة المرابطة بالمراكز الصحية القروية بأسلوب شعبوي بهلواني مقيت.
إن تحويل الممرض إلى شماعة لتعليق فشل المنظومة الصحية التي تعاقب على تدبيرها مجموعة من الحكومات المحسوبة على أحزاب فقدت المصداقية لدى المواطن خدمة لأهداف انتخابية سابقة لأوانها يعد أسلوبا يفقد أصحابه ما تبقى من مصداقيتهم ويشوش على وضع اللبنات الأولى للورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، الذي اعتمدت تحفيز الموارد البشرية بقطاع الصحة كأحد الركائز الأساسية،
إن من لجأ لاستعمال بعض الصور الشعبوية كرمز الحناء والكارطا يجهل حقيقة تلاحم الممرض بالمركز الصحي القروي بالمواطنين البسطاء بالدوار حيث يتعدى المركز الصحي دوره إلى فضاء لبعث الثقة والأمل في نفوس طبقات اجتماعية منسية ضحية سياسات مجالية فاشلة بعيدا عن المزايدات الانتخابية الضيقة، حيث يتحول الممرض لولد الدوار، علاقة لا يمكن أن يفهمها برلمانيو الكراسي المريحة والتعويضات السمينة.
إن مهنة التمريض ليست وظيفة بل تتعدى ذلك لرسالة إنسانية نبيلة تستحق التثمين بدل التشويش والتوظيف لاخفاء إخفاق سياسي على حساب معاناة طبقة اجتماعية مطحونة نتيجة سياسات فاشلة متعاقبة. فالوطن اليوم في حاجة لنخب سياسية مسؤلة ترفع مستوى النقاش من أجل بلورة وإنزال التوجيهات الملكية السامية في المجال الصحي بدل المزايدات الفارغة التي لا تسمن ولا تعني من إصلاح.
*عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة
المصدر: العمق المغربي