المستشار السابق لقائد الجيش الليبي لـ «التغيير»: “الإمارات” هي الطرف الفاعل في تقسيم ليبيا والسودان
حكومة في الشرق وأخرى في الغرب، كيف يؤثر وجود حكومتين لطرفي الحرب على وحدة واستقرار البلاد؟ وهل ستشكل الحكومة الجديدة فرصة الجلوس للتفاوض والوصول لوقف إطلاق نار، أم ستكون سببا لانقسام جديد لخريطة دولة السودان؟.
التغيير: نيروبي ــ أمل محمد الحسن
“واجهة اسفيرية”
“حكومة وهمية”، “تنظيم غير شرعي”، بهذه العبارات ردت خارجية حكومة بورتسودان على إعلان تحالف تأسيس (الذي يضم قوات الدعم السريع والحركة الشعبية شمال إلى جانب كيانات مسحلة وعدد من الأحزاب أبرزها حزب الأمة) تشكيله لحكومة في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور تحت مسمى “حكومة الوحدة والسلام”.
من جانبها وصفتها الكتلة الديمقراطية (كيان سياسي عسكري حليف للجيش السوداني) الحكومة الموازية بالواجهة الإسفيرية الهشة لتبرير جرائم التمرد المسلح حد وصفها مشددة على أن هذا الكيان باطل دستوريا وسياسيا وأخلاقيا.
وفي أول بادرة توافقية من نوعها؛ انضم تحالف القوى المدنية الديمقراطية “صمود” والحزب الشيوعي السوداني وعدد من الكيانات الحقوقية لحكومة بورتسودان في رفضها لتشكيل حكومة موازية.
وفور إعلان حكومة تأسيس لتشكيلها المجلس الرئاسي واختيار رئيس الوزراء توالت بيانات الرفض من الكيانات الإقليمية رافضة للخطوة معتبرة إياها “محاولة فرض واقع بالقوة” وفق ما وصفته جامعة الدول العربية.
أما مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي دعا جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى رفض التجزئة مشيرا حسب بيانه الصادر في 29 يوليو الى أن تكوين حكومة موازية ستكون له عواقب وخيمة على جهود السلم والمستقبل الوجودي للبلاد.
الواثق البرير: حكومتا بورتسودان ونيالا بلا شرعية
حكومتان بدون شرعية
من جانبه قطع الأمين العام لحزب الأمة “الواثق البرير” بأن تشكيل حكومة موازية في نيالا سيؤدي إلى تعطيل وتأخير التوصل لسلام ولن يكون مفيدا في عملية المفاوضات.
وحذر “البرير” من أن تكون هذه الحكومة هي بداية انقسام البلاد الأمر الذي سيطيل من أمد الحرب. وقال في حديثه مع «التغيير» إن تقديم الخدمات في مناطق سيطرة الدعم السريع لا يحتاج لتشكيل حكومة ويمكن أن تقوم به الإدارات المدنية.
وأكد الأمين العام لحزب الأمة على أن كل من سيتعامل مع حكومة بورتسودان أو نيالا سيكون تعاملا مع سلطة الأمر الواقع “لن تحظا الحكومتان بأي شرعية”.
نفي الاتهام
من جانبها ترى حكومة تأسيس بأنها جاءت لتوفير الخدمات لاولئك الذين حرمتهم حكومة بورتسودان من امتحانات الشهادة السودانية، وتبديل العملة وإصدار الجوازات.
وكان قائد ثان قوات الدعم السريع كشف من نيروبي عقب إعلان تحالف تأسيس عن جاهزية الأجهزة التي ستصدر جوازات السفر والعملة الجديدة.
علاء نقد: سيكون لدينا جواز سفر ليس معروضا للبيع ولا يحمله الإرهابيون
وقال الناطق الرسمي باسم التحالف “علاء نقد” لـ «التغيير» إن دافع تكوين الحكومة خدمة المواطنين ولايقاف الحرب التي اشعلها المؤتمر الوطني لاستعادة السلطة.
وقال “لابد من وجود أداة سياسية بجانب الفعل العسكري لهزيمة الإسلاميين الذين لفظهم الشعب في ديسمبر”.
وأشار إلى عملهم على منح المواطنين في مناطق سيطرتهم جوازات سفر بعد توقف السجل المدني فيها وصفه بالقوي الذي لا يشبه الجواز المعروض للبيع أيام المؤتمر الوطني والذي حمله الدواعش والإرهابيون حد عباراته.
وحول الرفض الإقليمي لتشكيل حكومة موازية قال “نقد” إن من حق الدول والكيانات إصدار بيانات لا تعترف بتحالف أو حكومة، ومن حقنا أن نفعل ما يخدم شعبنا.
وأضاف في حديثه مع «التغيير» إن مناطق سيطرة الدعم السريع لديها حدود مع 5 دول ستقوم بالتعامل التجاري معهم وهو لا يتطلب اعترافا دوليا ويحدث في عدد من الحكومات المماثلة مثل صوماليا لاند.
وتابع “خدمة الحكومة لشعبها هي التي ستمنحها الاعتراف ولاحقا مصداقيتها في علاقاتها الخارجية ستمنحها التعامل الدولي”.
واحتج الناطق الرسمي باسم تحالف تأسيس على الخطاب السياسي الذي ينظر لحكومتهم بأنها مهدد لوحدة البلاد مشيرا إلى أن مشروع التقسيم خاص بالإسلاميين منذ خطط مثلث حمدي ودعاوى دولة البحر والنهر.
وزاد: “حتى انقسام الجنوب كان مشروعا بنيويا في الحركة الإسلامية”.
عبد الكافي: السيناريو الليبي ينفذ حاليا في السودان
الإمارات: متهم مشترك
“الإمارات هي التي تدعم الانقسام في ليبيا والسودان” هذا الاتهام القاه المستشار السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، عادل عبد الكافي قائلا إن أبوظبي هي التي تدعم ماديا وعسكريا كل من حفتر وحميدتي.
وحمل “عبد الكافي” روسيا أيضا وزر تقديم السلاح والمقاتلين عبر فاغنر سابقا ثم الفيلق الروسي الأفريقي لاحقا إلى جانب الدعم السياسي بالضغط على بعض الأطراف الدولية حتى يكون لها تأثير في المشهدين الليبي والسوداني.
وقال المستشار السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي لـ «التغيير» إن المشاريع التقسيمية في القارة الإفريقية تجري على قدم وساق بما يخدم مصالح الإمارات وروسيا وربما دول أخرى حليفة لهما وغير ظاهرة في العلن!
وأضاف: المشهد الذي بدأت ملامحه تتكون في السودان يشبه إلى حد كبير الوضع الليبي مع وجود بعض الاختلافات المهمة المتمثلة في الرقعة الجغرافية والحدود والتركيبة السكانية.
وتابع “لكن السيناريو الذي نفذ في ليبيا ينفذ حاليا في السودان والهدف منه تقسيم المنطقة”.
بنجامين مشار: انقاذ السودان من الانقسام لن يتم سوى بجلوس “برهان” و”حميدتي”
الحل: طاولة التفاوض
لا يمكن النظر إلى حرب السودان الحالية ومعرفة أسبابها ودوافعها إلا بالعودة لانقلاب الحركة الإسلامية في يونيو 1989 وفق استاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا بروفيسور بنجامين مشار الذي يعيد أسباب الحرب الحالية إلى سيطرة مجموعات محددة على السلطة ورفض مشاركتها مع بقية الاثنيات السودانية.
وقال “الاسلاميون عرّفوا الدولة السودانية على أنها عربية ومسلمة ولم يسمحوا لبقية الاثنيات الوصول للسلطة بل يفضلون تقسيم البلاد على خروج الحكم من 3 قبائل تعرف نفسها على أنها عربية”!
وحذر “مشار” من وجود السودان على مفترق طرق اما أن يذهب قائدي طرفي الحرب “برهان” وحميدتي” إلى طاولة التفاوض، مثلما حدث بين البشير وجون قرنق، أو ينقسم السودان ليس فقط إلى دولتين بل لعدد من الدول!
ويرى استاذ العلوم السياسية بأن أطراف البلاد يمكن أن تنضم إلى دول الجوار، مشيرا إلى أن جبال النوبة والأنقسنا ربما ستفضل الانضمام لدولة جنوب السودان فيما سيذهب أقصى الغرب الدارفوري للانضمام لتشاد وتوقع انضمام البجا لدولة اريتريا وأقصى الشمال ربما ينضم لمصر!
وأضاف: “حميدتي” تذوق طعم السلطة ولن يتخلى عنها.
وقطع “مشار” بعدم وجود منتصر في الحرب التي وصفها ب”التراجيدية”، قد يتقدم الجيش اليوم ويعود للتقهقر غدا ولا مناص من الجلوس للتفاوض.
المصدر: صحيفة التغيير