أمد/ ما جرى ترويجه أمس من قبل الاحت لال حول “هدنة إنسانية” و”فتح المعابر” و”إدخال المساعدات” ليس سوى دعاية مكشوفة هدفها امتصاص الغضب العالمي المتصاعد بعد انتشار صور المجاعة التي تضرب قطاع غزة في كبريات الصحف والمجلات والمواقع العالمية.

فما دخل القطاع بالأمس لم يتجاوز 73 شاحنة عبر ثلاثة منافذ: كرم أبو سالم زكيم بوابة 96. وهذه الشاحنات لم تصل إلى المواطنين، إذ تم نهبها وسرقتها قبل أن يستفيد منها المجوعون الذين ينتظرون منذ أشهر طويلة أي بادرة حقيقية تخفف معاناتهم.

وفي الوقت ذاته، يحاول الاحت لال الترويج لعمليات الإسقاط الجوي للمساعدات باعتبارها “حلولاً إنسانية”، لكنها في الحقيقة مجرد خدعة إعلامية لا تغيّر شيئاً من الواقع.

هذه الكميات الهزيلة لا تكفي لإنقاذ حياة 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة الذي يحتاج إلى 500 شاحنة يومياً محملة بمختلف الأصناف والاحتياجات الأساسية. بل إن عمليات الإسقاط غالباً ما تتم في مناطق يصنّفها الاحتلال كمناطق قتال خطيرة، ما يعرّض حياة المدنيين الذين يحاولون الوصول إليها لمخاطر حقيقية.

النتيجة أن الجوع، الفقر، والقتل المستمر ما زالوا العنوان الأبرز لكل يوم يعيشه الغزيون.

الي جانب ذلك يتعمد الاحت لال إبقاء هذا الواقع كما هو عبر منع دخول المساعدات بشكل آمن ومنظم، وحرمان القطاع التجاري من العمل منذ 2 أكتوبر 2024. هذا الإغلاق الكامل للمعابر أمام القطاع التجاري ساهم في تفاقم الأزمة، إذ تُعرض بعض المواد المسروقة في الأسواق العشوائية بأسعار خيالية يعجز المواطن المنهك عن دفعها، بينما تُترك الأغلبية العظمى من الناس في مواجهة المجاعة.

التجربة أثبتت سابقاً أن فتح المجال أمام القطاع التجاري هو السبيل الأنجع لتوفير احتياجات المواطنين وخفض الأسعار تدريجياً عبر تدفق البضائع بكميات كبيرة، وبالتوازي مع عمل المؤسسات الإغاثية التي تقوم بجهود جبارة.

لكن الاحتلال يصرّ على إبقاء هذا الشريان مقطوعاً، ما يجعل أي حديث عن “هدن إنسانية” أو “مساعدات جوية” مجرد ذر للرماد في العيون.

لذلك، نحن بحاجة إلى تحرك شعبي واسع يقوده النشطاء والصحفيون والكتاب والمؤثرون للمطالبة بفتح المعابر أمام القطاع التجاري فوراً، لأنه الأقدر على كسر المجاعة وتلبية احتياجات المواطنين بشكل حقيقي ومستدام، بعيداً عن الحلول المؤقتة والخداع الإعلامي الذي يطيل أمد الكارثة.

شاركها.