المعارك أدت إلى تدمير العديد من المنازل، وخلفت وراءها جثثًا متناثرة على الطرقات والميادين العامة التي تحولت إلى مقابر جماعية، ومع بدء فصل الخريف وهطول الأمطار  والسيول، تزداد المخاطر الصحية والإنسانية، حيث أدت السيول إلى جرف  الجثث وتؤدي إلى انتشار الأمراض والكوارث الصحية إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعّال.

الخرطوم: التغيير

بين فرحة اللقاء وحسرة الفقد، وقف معتز عثمان، أمام منزله المدمر في حي 13 بالفتيحاب، يراقب المطر وهو يتساقط بغزارة من الغرفة التي فقدت سقفها “الزنك” بسبب اشتداد المعارك بالمنطقة.

كانت عودته إلى المنزل تحمل في طياتها أملًا في استعادة جزء من حياته الطبيعية، لكنها سرعان ما تلاشت عند رؤية الأطلال التي لم يبق منها سوى الذكريات. مع بداية فصل الخريف في الخرطوم، باتت أحلام معتز مجرد سراب.

مع بدء فصل الخريف وهطول الأمطار  والسيول، تزداد المخاطر الصحية والإنسانية، حيث أدت السيول إلى جرف  الجثث وتؤدي إلى انتشار الأمراض والكوارث الصحية إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعّال.

معتز ليس وحده، هناك العديد من المواطنين الذين فقدوا منازلهم في منطقة الفتيحاب بسبب المعارك الضارية التي شهدتها المنطقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

هذه المعارك أدت إلى تدمير العديد من المنازل، خاصة تلك المطلة على الشارع الرئيس، وخلفت وراءها جثثًا متناثرة على الطرقات والميادين العامة التي تحولت إلى مقابر جماعية.

مع بدء فصل الخريف وهطول الأمطار  والسيول، تزداد المخاطر الصحية والإنسانية، حيث أدت السيول إلى جرف  الجثث وتؤدي إلى انتشار الأمراض والكوارث الصحية إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعّال.

انتشار الأمراض والجثث

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم بداية مبكرة لفصل الخريف، مما يزيد من مخاوف المواطنين خاصة في ظل انتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا التي حصدت آلاف الأرواح خاصة في ولاية الخرطوم وصلت فيها الإصابات لألف حالة في اليوم ووفاة المئات وفقًا لوزارة الصحة السودانية.

وجرفت  السيول والأمطار في منطقة الوادي الأخضر شرق العاصمة الخرطوم مطلع يوليو الجاري  العديد من الجثث التي دفنت على عجل، فيما أوضحت السلطات أنها تلقت بلاغات تفيد بجرف السيول جثث جنود يتبعون للدعم السريع في تلك المنطقة، مشيرة إلى أن الأمطار أدت إلى تراكم المياه في مناطق متعددة في المنطقة ما أسفر عن ظهور الجثامين.

رفاة ضحايا الحرب في الخرطوم

وسبق أن حذرت  لجان مقاومة شمبات الأراضي بالخرطوم بحري، من تحلل قبور وسط المنازل مع موسم الأمطار، وناشدت  وزارة الصحة وهيئة الطب العدلي، وعائلات الضحايا الذين دفنوا وسط الأحياء السكنية بالمنطقة خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع، بضرورة نبش القبور ونقلها إلى المقابر العامة مع اقتراب موسم الأمطار.

ودفُن مئات الأشخاص وسط الأحياء السكنية بالخرطوم وبحري وأم درمان، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع لانعدام الممرات الآمنة إلى المقابر العامة.

وقال مدير الطب العدلي في الخرطوم،  هشام زين العابدين، في تصريحات صحيفة سابقة إن 3.5 ألف جثة تم جمعها وإعادة دفنها منذ بداية العملية، حتى الآن، معظمها جثث قتلى “قوات الدعم السريع”، وتابع: “هناك 500 جثة أخرى تم جمعها على الطريق البري الرابط بين أم درمان وبارا، الذي يعرف بطريق الصادرات”، وزاد: “ما زال الطب العدلي يستقبل بلاغات حول وجود مقابر”.

أمراض الخريف

وتمثل أمراض الخريف خطرًا على  صحة المواطنين في السودان، خاصة مع انتشار الجثث ومخلفات الحرب وتدمير البنية التحتية وانعدام أنظمة الصرف الصحي. وفي ظل  ركود مياه الأمطار لفترات طويلة، مما يخلق بيئة مثالية لتفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا التي حصدت أرواح آلاف المواطنين، والأمراض المنقولة عن طريق النواقل مثل حمى الضنك، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية.

وتعمل وزارة الصحة ولاية الخرطوم رغم شح الامكانيات على مكافحة الأوبئة والأمراض في فصل الخريف،  وقال  مدير الطوارئ الصحية بولاية الخرطوم، محمد التجاني، إن  وزارة الصحة  شرعت  في اتخاذ التدابير الصحية اللازمة لمجابهة موسم الخريف لهذا العام 2025.

تعمل وزارة الصحة ولاية الخرطوم رغم شح الامكانيات على مكافحة الأوبئة والأمراض في فصل الخريف

وأكد التجاني، أن وزير الصحة بالولاية وجه بمضاعفة الجهود لمجابهة موسم الخريف، وبضرورة تفعيل الشراكات المجتمعية خلال هذه المرحلة واشراكها في عمليات الإصحاح البيئي للحفاظ على البيئة ومكافحة نواقل الأمراض خلال موسم الخريف.

وأشار  إلى أن أهم التحديات التي تواجه اللجنة في هذا العام والمتمثلة في وباء الكوليرا وداء الضنك الذي بات متواجد بجميع المحليات.

وكشف عن  تدريب تنشيطي وأساسي لجميع الكوادر وتوفير المبيدات وصيانة او شراء الماكينات والطلمبات، وإعادة تأهيل المعامل المرجعية لضبط جودة تشخيص مجهري للملاريا.

مقابر جماعية

مع دخول فصل الخريف، يزداد القلق في الخرطوم بسبب مخلفات الحرب التي حولت الشوارع والمنازل إلى مقابر جماعية، مما يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض. يخشى الكثيرون من كارثة بيئية وشيكة، حيث تلوح في الأفق مخاطر صحية جسيمة تهدد حياة السكان.

وتقول المختصة في الأوبئة والأمراض، شاهيناز أحمد، لـ(التغيير): إن انتشار الجثث ومخلفات الحرب في السودان يزيد من خطر الأمراض المنقولة بواسطة النواقل مثل الملاريا وحمى الضنك.

كما أشارت إلى أن تلوث المياه بسبب مخلفات الحرب والجثث يؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه مثل الكوليرا والدوسنتاريا. وأكدت أن هذه الأمراض تظهر بكثرة نتيجة تراكم الجثث وتكاثر الحشرات، ما لم تعالج الجثث بشكل صحيح من خلال نقلها خارج الأحياء السكنية ودفنها، وتنفيذ حملات إصحاح بيئي تشمل الرش والتعقيم.

مختصة في الأوبئة والأمراض: إن انتشار الجثث ومخلفات الحرب في السودان يزيد من خطر الأمراض المنقولة بواسطة النواقل مثل الملاريا وحمى الضنك.

وبدوره، يرى الناشط البيئي محمد فتحي أن خريف هذا العام سيكون له تأثير كبير على الوضع الصحي والبيئي في السودان، نظرًا لانتشار مرض الكوليرا والأوبئة الأخرى نتيجة الدمار الكبير الذي خلفته الحرب.

تهديد للبيئة

وقال فتحي لـ(التغيير):  إن الانتشار الكثيف لمخلفات المعارك من ركام وجثامين مدفونة في الميادين العامة وأماكن أخرى غير معلومة يشكل تهديدًا كبيرًا للبيئة.

وأشار  إلى أن تراكم النفايات العضوية ومخلفات الذخائر المتفجرة وغير المتفجرة، بالإضافة إلى نفايات الحرائق الضخمة في الأحياء والأسواق والمصانع، قد يؤدي إلى مخاطر صحية جسيمة للإنسان والبيئة عند اختلاطها بمياه الأمطار.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.