فتح مجلس المنافسة تحقيقا رسميا بشأن شبهات احتكار في سوق مادة الكلنكر، وهي المادة الأولية الأساسية المستخدمة في صناعة الإسمنت، بعد توصله بإحالة من مركز مستقل لطحن الإسمنت، يتهم فيها شركات كبرى بخرق قواعد المنافسة ومنع وصول المراكز الصغيرة إلى هذه المادة الحيوية.

وأوضح المجلس، في بلاغ أصدره اليوم الاثنين 28 يوليوز 2025، أنه توصل بهذه الإحالة بتاريخ 22 أكتوبر 2024، قبل أن يعلن عن قبولها بشكل رسمي في قراره رقم 179/3/2024 الصادر في 12 دجنبر من نفس السنة، بناء على ما ينص عليه القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.

وأبرز البلاغ أن التحقيقات الأولية كشفت عن مؤشرات قوية على هيمنة بعض وحدات إنتاج الإسمنت المتكاملة على سوق تزويد الكلنكر، من خلال فرض شروط تجارية غير شفافة، واحتكار الفائض من هذه المادة، إضافة إلى اعتماد ممارسات تمييزية لفائدة شركاتها التابعة لتسويق الإسمنت، وهو ما يضعف فرص المنافسة ويقيد عمل مراكز الطحن المستقلة.

وسجل المجلس مخاوف من تأثير هذه الوضعية على بنية السوق الوطني، مشيرا إلى أن نقص توفر الكلنكر بالكميات الكافية، وفرض شروط مجحفة، والتمييز في التعامل بين الفاعلين، قد يهدد التوازن التنافسي ويعيق تطوير القطاع.

وفي هذا الإطار، قرر مجلس المنافسة تفعيل مسطرة “الالتزامات الطوعية”، المنصوص عليها في القانون رقم 104.12، والتي تسمح للشركات المعنية بتقديم مقترحات ملموسة لمعالجة الاختلالات المسجلة وإنهاء الممارسات المنافية للمنافسة.

ووفق البلاغ الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، فقد تقدمت الشركات المعنية مجموعة من الالتزامات، من بينها إعطاء الأولوية لمراكز الطحن المستقلة في التزود بالكلنكر، ووضع سياسة تجارية تحترم مبدأ الحياد التنافسي، وتضمن شروطا تسعيرية وغير تسعيرية غير تمييزية تجاه مراكز الطحن المستقلة.

وتعهدت هذه الشركات بالحد من الامتيازات التجارية الممنوحة لفروعها بما لا يتجاوز الكميات المخصصة لاستهلاكها الذاتي لإنتاج الإسمنت، والامتناع عن أي ممارسة من شأنها تقليص هوامش الربح أو اللجوء إلى دعم متقاطع بين أنشطة “الإسمنت والكلنكر” بما يضر بالمنافسين المستقلين.

كما تعهدت بإعادة هيكلة داخلية تضمن الفصل العملياتي والإداري والتدبيري لنشاط تسويق الكلنكر في السوق الوطنية، من خلال تنظيم هيكلي واض، وإجراءات تنظيمية خاصة بولوج المعلومات الحساسة المرتبطة بتسويق الكلنكر، مع التزامات بالسرية تُفرض على الموظفين المعنيين.

وبحسب البلاغ ذاته، فقد التزمت الشركات المذكورة بضمان الشفافية في الأسعار وشروط بيع الكلنكر، من خلال نشر المواصفات التقنية للكلنكر المعروض للبيع، والالتزام بالشروط العامة للبيع التي تتيح للمشترين اختيار نمط الشراء (تسليم/انطلاق) ونمط التعاقد (فوري، سنوي أو متعدد السنوات)، مع ضمان قبول التأمينات الائتمانية إضافة إلى الضمانات البنكية؛

كما تعهدت بالانخراط في الحد من طمر الرماد المتطاير المؤهل، وفتح إمكانية التزويد لغير أعضاء التجمع الاقتصادي المشترك المكون من الفاعلين التاريخيين بسوق الإسمنت، بخصوص الرماد الناتج عن المحطات الحرارية بجرف الأصفر.

وأشارت إلى انخراطها في تعزيز برنامج الامتثال، خصوصا فيما يتعلق بالمخاطر التنافسية الناجمة عن العلاقات الرأسية بين أنشطة الإنتاج والتسويق للإسمنت، وتلك المتعلقة ببيع الكلنكر على المستوى المحلي لمنافسين مباشرين في السوق النهائي للإسمنت.

ودعا مجلس المنافسة، في ختام بلاغه، كافة الأطراف المعنية إلى تقديم ملاحظاتهم بشأن هذه الالتزامات في أجل لا يتعدى 30 يوما من تاريخ نشر البلاغ، أي إلى غاية 27 غشت 2025، قبل أن يتخذ قراره النهائي الذي قد يُفضي إلى جعل هذه الالتزامات إلزامية للأطراف المعنية، مما سيشكل نهاية للمسطرة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.