أمد/ الناصرة: قال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، يوم الأحد، إن الإضراب عن الطعام الذي شرعت به قيادات عربية اليوم، “هو الحد الأدنى الذي يمكن القيام به نصرةً لأهلنا الذين يجوعون ويُقتلون يوميًا في قطاع غزة”، مؤكدًا أن الخطوة تستمر لثلاثة أيام وتنتهي بوقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في تل أبيب.
وأضاف بركة أن المبادرة شهدت مشاركة قيادات من لجنة المتابعة ونواب عرب وناشطين يهود مناهضين للحرب، إلى جانب دعوات وُجهت لسفراء معتمدين لزيارة موقع الإضراب في يافا. وقال: “يجب أن نُفعّل إنسانيتنا لوقف هذا الإجرام، الذي يظنّ أن الانتصار يتحقق بقتل وتجويع الأطفال”.
وأشار إلى أن اللجنة وجّهت رسالة إلى الجاليات الفلسطينية حول العالم لتنظيم فعاليات موازية، مؤكّدًا أن الولايات المتحدة “شريكة في الحرب والمموّلة الرئيسية لها”، وأن الوقفة أمام سفارتها تأتي رفضًا لهذا الدور. وختم: “سنُعلن عن خطوات تصعيدية أخرى قريبًا، ومن المهم استمرار النضال والمشاركة الشعبية الواسعة”.
من جانبه، أوضح رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، أن اختيار مدينة يافا لإطلاق هذه الخطوة يحمل دلالات رمزية، قائلًا: “غالبية أهالي يافا هجّروا في النكبة إلى غزة، وهناك علاقات عائلية بين غالبية العائلات في يافا وغزة، وأيضًا الحديقة القريبة منا تُسمّى حديقة ‘الغزازوة’ نسبةً إلى أهالي غزة”.
وأضاف: “نريد أيضًا رفع الوعي لدى الشارع الإسرائيلي حول جرائم الحرب والتجويع في غزة، وكذلك لدى السفراء والمسؤولين، ونُعلن من هنا موقفنا الإنساني ضد الحرب والقتل والعنف والتجويع”. وشدّد على أنه “لا يوجد حل عسكري، الحل هو حل سياسي واضح وعادل ينص على العدالة والمساواة للجميع”.
وفي ما يتعلّق ببرنامج النشاطات، أشار إلى أن “اليوم سيُعقد مؤتمر صحافي في يافا، وغدًا ندعو جميع أبناء شعبنا، بكافة أطيافه، إلى الصيام ليوم واحد، بالإضافة إلى المشاركة في وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في تل أبيب، الثلاثاء الساعة الخامسة مساءً”. وأضاف أن “برنامج الأيام الثلاثة يشمل كذلك محاضرات وندوات في يافا حول الحرب والجرائم الجارية في القطاع”.
بدوره، قال أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، خالد عنبتاوي، “لا يمكن أن نمر مرور الكرام على صور التجويع وصور الأطفال، وعلى الإبادة المستمرة بحق أبناء شعبنا في غزة. يجب أن يكون موضوع الغذاء والمساعدات الإنسانية مفهومًا ضمنًا، لكن للأسف ما يحصل هو العكس، بفعل الحصار ومنع دخول المساعدات من قبل إسرائيل. ومن المهم أن نواصل حتى يتم وقف هذه الحرب والإبادة الجارية في غزة”.
وأشار إلى المخططات الإسرائيلية في القطاع، حيث قال: “هناك قرار إسرائيلي بإعادة هندسة غزة من خلال مخططات التهجير عبر قتل شروط الحياة. وعند القضاء على شروط الحياة، لا يتبقى للإنسان إلا خيار التهجير، وهذا ما تقوم به إسرائيل. الحل الوحيد هو إنهاء هذه الإبادة والذهاب نحو صفقة حقيقية تفتح أفقًا لحل سياسي عادل”.
واختتم عنبتاوي حديثه بالقول: “أقل واجب إنساني هو أن نواصل النضال والاحتجاج حتى إنهاء هذه الحرب. ضمائر أبناء شعبنا حيّة، وهي لم تطبع مع هذه الجرائم. ويجب علينا الاستمرار حتى نهاية حرب الإبادة”.
ويشمل الإضراب قيادات لجنة المتابعة، ورؤساء سلطات محلية عربية، وشخصيات شعبية وأكاديمية، ومن يرغب في المشاركة، ويُقام في مقر رابطة شؤون عرب يافا بمدينة يافا، الذي تم تجهيزه بصور من قطاع غزة وشعارات سياسية، في سياق تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وقال الناشط المقدسي محمد أبو الحمص: “أعلنا إضرابًا عن الطعام هنا في مدينة يافا، وذلك تضامنًا مع أهلنا المُجَوّعين في غزة، الذين يتم تجويعهم، لذلك نحن نقف ونحتج في الداخل الفلسطيني والقدس والضفة الغربية وفي كل مكان من أجل وقف هذه الحرب”.
وأضاف أبو الحمص: “شعبنا واحد، وهو على موقف واحد ضد هذه الحرب التي تفتك بأبناء شعبنا. يجب علينا التحرك والضغط بشكل سلمي، لذلك من المهم الاستمرار بالنضال حتى وقف هذه الحرب”.
وتأتي هذه الخطوة في ظل أوضاع كارثية يشهدها قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، والتي خلّفت أكثر من 205 آلاف بين شهيد وجريح، وأفضت إلى تدمير واسع للبنى التحتية، وتهجير قسري لأكثر من 85% من سكان القطاع. وقد حذّرت منظمات دولية من المجاعة، مؤكدة أن مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة باتوا مهددين بخطر الموت جوعًا.
وكانت لجنة المتابعة قد صعّدت من تحركاتها السياسية والشعبية منذ بدء الحرب على غزة، من خلال تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية، وتكثيف الاتصالات مع هيئات دولية وسفراء، للضغط من أجل وقف الحرب. إلا أن الإضراب عن الطعام يُعدّ خطوة تصعيدية من قبل قيادات سياسية ومجتمعية داخل أراضي الـ48.
وتواجه لجنة المتابعة تحديات متزايدة في ظل تصاعد التحريض السياسي من قبل الحكومة الإسرائيلية ضد القيادات العربية، لا سيّما إثر تصريحات رسمية وصحافية اتهمت المتظاهرين العرب بـ”التحريض” و”التضامن مع العدو”. ورغم ذلك، تؤكد اللجنة تمسّكها بالعمل الشعبي السلمي وبموقفها المبدئي الرافض للحرب والاحتلال.
وتعكس الرسائل التي وجّهتها لجنة المتابعة إلى الجاليات الفلسطينية في الخارج رغبة في تدويل النضال الشعبي، عبر بناء شبكة تضامن دولية، من خلال تنظيم فعاليات موازية في العواصم الكبرى، والضغط على حكومات العالم، لوقف الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، ولإنهاء الحرب وتجنيب المدنيين في غزة مزيدًا من القتل والتجويع.