صدى الوطن
آدم أبكر عيسى
في عالم مليء بالتنوع الثقافي والاجتماعي، يصبح الوعي بالمفاهيم ضرورة لا غنى عنها لبناء مجتمعات تستطيع التعايش بسلام. إن احترام التعددية الثقافية والعرقية هو الأساس الذي ينبني عليه مفهوم المواطنة الشاملة. لكن ما نشاهده اليوم في السودان، للأسف، يكشف عن غياب هذا الوعي، حيث تتفشى خطابات الكراهية والانقسام كالجراد في الحقل.
*الوعي المفاهيمي وأهميته*
يعتبر الوعي بالمفاهيم أداة لفهم الذات والآخرين، وهذا ما عبّر عنه الفيلسوف الكبير أفلاطون حين قال: “المعرفة هي بداية الحكمة”. فالمعرفة تعزز من قدرة الناس على إدراك الاختلافات الثقافية والاجتماعية، مما يساعد في خلق بيئة تحترم التنوع بجميع أشكاله.
*تأثير الفلسفة التنويرية*
كان لفلاسفة العصر التنويري مثل جان جاك روسو دور بارز في تعزيز فكرة المساواة بين الأفراد. فقد قال: “الإنسان وُلِد حراً، ولكن الجميع في الأغلال”. يتضح من هذا الاقتباس أهمية التحرر من القيود الاجتماعية والسياسية التي تعيق بناء مجتمع متماسك.
*ابن خلدون ورؤية التماسك الاجتماعي*
تناول ابن خلدون مفهوم العصبية كعنصر أساسي في بناء المجتمعات، حيث ذكر: “العصبية سبب الملك”. إذا ما تم استغلال العصبية بشكل إيجابي، يمكنها أن تعزز الوحدة والتماسك بدلاً من زرع بذور التفكك.
*تأثير وسائل التواصل الاجتماعي*
في زمننا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك” ساحة لتبادل الأفكار والمفاهيم. لكن، للأسف، تُستخدم هذه المنصات أحيانًا لنشر خطاب الكراهية والتفرقة. كما أن غياب المناهج التعليمية التي تعزز قيم التسامح والاحترام قد أدى إلى انتشار ثقافة الاستعلاء واحتقار الآخر.
*ضرورة المناهج التعليمية*
إن عدم وجود مناهج تعليمية فعّالة تعزز من الوعي الاجتماعي والثقافي يساهم في تزايد العنصرية والكراهية. كما قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: “الوجود يسبق الجوهر”، مما يعني أن التجارب الحياتية والتربية تلعبان دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الفردي والجماعي.
إعادة بناء الوعي المفاهيمي في المجتمع السوداني تعتبر خطوة هامة نحو تحقيق التعايش السلمي. ينبغي علينا جميعًا أن نعمل على تعزيز قيم الاحترام والتسامح، وأن نكون حذرين من الخطابات التي تزرع الفتنة. فالمواطنة التعددية حق للجميع، ويجب علينا أن نؤمن بأن التنوع هو مصدر قوة وليس ضعف.
المصدر: صحيفة الراكوبة