وفق تحليل أجرته مجلة «نيوزويك»، يستنتج الذكاء الاصطناعي أن أول 6 أشهر من حُكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب (20 يناير 20 يوليو 2025) هي الأنجح أميركياً منذ فترة رئاسة فرانكلين روزفلت في 1933، مع إقرار 15 قانوناً من بينها التخفيضات الضريبية، وتحطيم الأرقام القياسية في عدد الأوامر التنفيذية التي وصلت إلى 170.
لكن الذكاء البشري يخلص إلى نتائج أخرى، سياسياً واقتصادياً على مستوى العالم.
فسياسات ترامب تُشبه «مسار فيل يتجوّل في متحف خَزَف»، لأن الولايات المتحدة القوة المهيمنة على العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً تحوّلت في عهد إدارته إلى مُحرّك لقلب الموازين وتغيير المعادلات وتعديل الخرائط وإرساء القواعد الجديدة.
تعبيراً عن الغضب على الرسوم الجمركية «الترامبية» التي طالت عشرات الدول، من بينها بلاده، يقول الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن ترامب لم يُنتخب ليكون إمبراطور العالم.
يرى كثيرون أن كلام دا سيلفا دقيق، لأن ترامب يقود أكبر قوة في العالم بعقلية تحقيق المكاسب المباشرة والسريعة لبلاده، أياً كانت التبعات والنتائج، ولو على حساب أقرب الحلفاء.
يحارُ البعض في قراءة ما يفعله ترامب، وما إذا كان بعقلية صفقات «الربح السريع»، أم أنه يستند إلى رؤى إستراتيجية مُغلّفة بإيحاءات لخطط آنية ورؤى تبدو مضطربة.
من مثل ذلك:
حديثه عن مشروع تحويل قطاع غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» ومن ثم تراجعه «ظاهرياً» عنها، فيما يعتقد كثيرون أن المشروع بالفعل قَيْد التنفيذ.
تصريحه مراراً بأنه قادر على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة، فيما الواقع أنه فشل بذلك تماماً، على الرغم من تواصله المُنتظم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن الخبثاء يقولون إن ما بين الرجلين أكبر بكثير من أوكرانيا، من الصين مروراً بأوروبا وصولاً إلى إيران وسوريا.
قيامه بقلب الأسواق رأساً على عقب وزعزعة العلاقات التجارية بين الدول، من خلال «سلاحه المُفضّل» المتمثل بالرسوم الجمركية، ومن ثم تراجعه مع بعض الدول التي ردّت على الرسوم بالرسوم (من بينها الصين) أو التفاوض بصرامة مع دول أخرى.
تقديم «جزرة التفاوض» لإيران، ومن ثم ضربها بجُرأة لم يسبقه إليها أي رئيس أميركي منذ قيام الجمهورية الإسلامية في 1979. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت ضربة «مِطرقة الليل» تمهيداً لحرب شاملة، أم أنها كافية في المدى المنظور عسكرياً، كونها دمّرت العمود الفقري للبرنامج النووي.
كما لا يستطيع أحد الجزم ما إذا كان بنيامين نتنياهو «استغاثَ» بالرئيس الأميركي بعد عجزه عن حسم الحرب التي أرادها خاطفة لأيام، أم أن ترامب كانت لديه نية مُبيّتة للخيار العسكري (على اعتبار أن الضربات الإسرائيلية خلال 12 يوماً بدأت في اليوم الـ61 لبدء التفاوض الأميركي الإيراني، وترامب كان قد أعطى شهرين للتفاوض).
بناءً على تجربة النصف الأول من السنة الأولى، ينظر العالم بقلق إلى السنوات المتبقية من ولاية الرجل الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ويمكن أن يتحوّل بين ليلة وضحاها من صديق لإحدى الدول إلى عدوّ لها، ويُحاط بوزراء ومستشارين متوائمين معه تماماً، وغير مؤثرين في رسم السياسات، وإنما تكمن مهامهم في تنفيذها بولاء مطلق.
المصدر: الراي