أمد/ رحل زياد… العبقري المتمرد، صاحب النغمة الخارجة عن السرب، والموقف الذي لم يهادن سلطةً ولا احتلالًا ولا طائفة.

رحل قبل أن نعرف فعلاً “بالنسبة لبكرا شو؟”، وقبل أن تنتهي فصول “الفيلم الأميركي الطويل” الذي فضح تفاصيله على خشبات المسرح وفي شوارع السياسة الموجوعة. لكننا نعرف — كما كنت تقول — إنو “الإنسان ما بموت إلا ما تجي ساعتو… أي ساعة تقريبًا؟ في ساعتو بينه وبين ربّه الواحد، بس الواحد بيتكل عالله وبيمشي”.

واليوم، نمشي على خطاك، نتكئ على موسيقاك، على تمردك، على نكتتك الذكية التي كانت تنزف حقيقة.

زياد… فلسطين كانت قضيتك الحقيقية

في زمن الانحيازات السافرة والتسويات الفارغة، ظل زياد صادقًا مع قلبه وعقله. لم يُبالِ بالمزايدات ولا بالمقامات السياسية… كان فلسطيني الهوى والانتماء، منحازًا إلى المظلوم لا إلى العناوين.

غنّى لفلسطين ولمخيماتها، بكلمات ساخرة أحيانًا، دامعة أحيانًا، لكنها دائمًا صادقة. ساند اللاجئين في لبنان ليس من موقع المتعاطف، بل من موقع الشريك في المعاناة والمصير. رفض أن يُعامل الفلسطيني كغريب، واعتبره من نسيج البلد، من قهره اليومي وكرامته المحاصَرة.

لم يكن زياد نجمًا تقليديًا… بل ضميرًا متعبًا لم يهدأ، وموسيقى تهدم جدران الجهل والتعصب والتخاذل.

“بلا ولا شي”… حبنا باقٍ

فلّيت، بس نحنا بعدنا هون، نحبك “بلا ولا شي”. نحبك لأنك قلت “لا” حيث يصفّق الجميع، ولأنك اخترت الموقف لا المنصب. كنت ابن الشعب فعلاً، مش ابن السلطة. كنت المثقف اللي صرخ من الوجع، وضحك من الخراب، وبكى على فلسطين.

زياد، يا صديق الحلم والمأساة، نعرف أنك ما مت… لأن في كل مخيم، في كل شارع، في كل حنجرة تقول “ما رح نبقى ساكتين”، هناك نغمة من نغماتك، هناك شتيمة ساخرة من نصوصك، وهناك موقف يشبهك.

نم قريرًا يا ابن فيروز ولبنان الحقيقي، ويا حبيب فلسطين.

شاركها.