أمد/ في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسداد الأفق السياسي، تتحول كل مبادرة إلى عبث تفاوضي مكرر، يغيب عنه ميزان العدالة الدولية ويتحكم فيه الطرف الأقوى عسكرياً بدعم أمريكي مطلق. أمام هذا الواقع، لا بد من قلب المعادلة التفاوضية عبر إخراج ملف المحتجزين الإسرائيليين من دائرة الابتزاز الأمني والسياسي، ووضعه تحت رعاية دولية ثلاثية تضم فرنسا وروسيا والصين، كمدخل لإعادة بناء مسار تفاوضي جديد قائم على التعددية الدولية، والعدالة السياسية، والشرعية القانونية.
أولاً: من العبث إلى الفعل — عهدة دولية تنهي الحرب وتعيد التوازن
تمتلك القوى الدولية الكبرى القدرة على لعب دور أكثر توازناً في الصراع، بعيداً عن الهيمنة الأمريكية المطلقة. ووضع ملف المحتجزين الإسرائيليين لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحت رعاية ثلاثية دولية (فرنسا، روسيا، الصين) يمثّل خطوة استراتيجية تفتح المجال أمام:
التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.
إنهاء حالة الحرب، وفك الحصار المفروض على قطاع غزة.
تأمين حماية دولية للمدنيين وفتح المعابر بإشراف أممي.
إطلاق مسار سياسي متعدد الأطراف يمهد لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الحقوق الفلسطينية الثابتة.
ثانياً: مرحلة انتقالية فلسطينية توحّد الجهود وتعيد بناء المؤسسات
لكي تكتسب هذه المبادرة زخماً فعلياً، لا بد أن تترافق مع جهد وطني فلسطيني موحد يتجاوز الانقسام ويستعيد زمام المبادرة، من خلال:
1. تشكيل حكومة إنقاذ وطني انتقالية تتولى:
إعادة إعمار غزة.
توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ضمن إدارة سياسية واحدة.
التحضير لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني.
2. ضمان مشاركة جميع القوى والفصائل الفلسطينية في الإطار السياسي الجامع لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يكفل التمثيل الشامل، ويُكسب الموقف الفلسطيني شرعية دولية أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
3. إعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير وتطويرها، لتكون المظلة الوحيدة لتمثيل الشعب الفلسطيني في أي مسار تفاوضي قادم.
ثالثاً: تثبيت دولة فلسطين تحت الحماية الدولية استناداً للقانون الدولي
لا يمكن بناء سلام حقيقي دون تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ودولته الواقعة تحت الاحتلال، استناداً إلى:
قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقراري 242 و338.
الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي أكد على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، وما يتطلبه ذلك من إجراءات عملية لإقرار سيادتها القانونية والسياسية.
رابعاً: كسر التفرد الأمريكي واستعادة التعددية الدولية
لقد بات واضحاً أن استمرار المفاوضات تحت الرعاية الأمريكية المنفردة قد أفشل كل فرص السلام. إن المطلوب اليوم هو:
كسر احتكار الولايات المتحدة لمسار التفاوض، ورفض استخدامها كأداة لشرعنة العدوان والتوسع الاستيطاني.
تحويل الملف الفلسطيني إلى مسؤولية دولية متعددة الأطراف، تتشارك فيها القوى الكبرى ضمن إطار أممي واضح، يكفل تطبيق قرارات الشرعية الدولية بعيداً عن سياسة الكيل بمكيالين.
ونخلص ووفق كل ذلك إلى القول إن ذلك قد يكون: بداية جديدة من على طاولة دولية متعددة الضمانات
إن وضع المحتجزين الإسرائيليين بعهدة فرنسا وروسيا والصين، ليس مجرد تفصيل تقني، بل مدخل استراتيجي لإعادة تشكيل قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، وبداية لمسار جديد قائم على: اولا العدالة الدولية، وثانيا الشرعية القانونية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
وحده توحيد الصف الوطني الفلسطيني، واستعادة زمام القرار السياسي عبر منظمة التحرير، قادر على تحويل هذه المبادرة من مجرد طرح نظري إلى مشروع سياسي بديل، يضع حداً لعقود من العبث، ويمهد لسلام حقيقي قائم على الحقوق لا على شروط الاحتلال.