الثلاثاء 22 يوليوز 2025 18:00
علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن عناصر المراقبة التابعة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية سرعت وتيرة أبحاثها وتحرياتها حول عمليات تبييض أموال بواسطة “شركات صورية” (Sociétés écrans)، انطلاقا من معاملات بنكية مشبوهة جرى رصدها على مستوى وكالتين تجاريتين تابعتين لمجموعة بنكية كبرى، متمركزتين في ضواحي الدار البيضاء، موضحة أن الأبحاث الجارية كشفت تواتر عمليات سحب وإيداع أموال بواسطة شيكات وكمبيالات في حسابات شركات صغيرة الحجم بما يتناقض مع طبيعة نشاطها والظرفية الاقتصادية الحالية، ما عزز شكوك المسؤولين البنكيين ودفعهم لتوجيه تصريحات بالاشتباه إلى الجهاز الرقابي المشار إليه.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المراقبين فتحوا قنوات تواصل مباشرة مع مصالح المديرية العامة للضرائب، قبل أن يتبين تورط الوحدات “الصورية” المرصودة في عمليات تضخيم أرباح من خلال معاملات تجارية وهمية فيما بينها، مع التصريح بحساباتها داخل الآجال القانونية، وأداء الضرائب عنها لإضفاء الشرعية على التدفقات المالية الواردة إليها والصادرة عنها، مؤكدة تركز مهام التدقيق والافتحاص المفتوحة على التثبت من صحة معطيات بخصوص مصدر الأموال التي جرى ضخها في رساميل الشركات المذكورة، بعد التوصل بمعلومات حول شبهة ارتباطها بتجارة المخدرات وتورط “بارونات” في نسج خيوط شبكة من الشركات لإدماج أموالهم في الدورة الاقتصادية دون إثارة الشبهات.
وأكدت المصادر نفسها توقف أبحاث مراقبي هيئة المعلومات المالية عند وقائع استغلال “شركات صورية” كواجهات جاهزة للاستخدام في عمليات غسل أموال مجهولة المصدر، بحيث شكل نشاطها في التوزيع والتجارة والبناء والاشغال والتفاوض وسيلة لإدماج أموال المخدرات ضمن حساباتها السنوية، وتقديم نتائج مالية تُظهر أرباحا تفوق بكثير ما تحققه شركات مشابهة في الحجم والنشاط، مبرزة أن تحليل البيانات المحاسبية للشركات المذكورة كشف عن تقاطعات خطيرة فيما يتعلق بتكرار معاملات تجارية وفوترتها بالأسعار والقيم ذاتها، مشيرة إلى أن المعاملات التجارية الوهمية استعملت كوسيلة لشرعنة أرباح هذه الشركات، فيما أظهر تتبع مسارها بعد ذلك توظيفَها في استثمارات عقارية وعينية، من خلال اقتناء قطع أرضية ومبان سكنية ومهنية، وكذا منقولات مرتفعة القيمة.
جدير بالذكر أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية كانت قد أحالت ما مجموعه 71 ملفا على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بكل من الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بخصوص غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما أكدت الهيئة في تقريرها السنوي برسم 2023 ارتفاع عدد الملفات المحالة على النيابة العامة بنسبة 31.48 في المائة خلال السنة ما قبل الماضية، علما أن الملفات المرتبطة بأفعال التزوير أو تزييف الكشوفات البنكية أو وسائل الأداء أو وثائق أخرى مثلت ما نسبته 38 في المائة من القضايا المحالة على المحاكم الابتدائية المختصة، والنسبة نفسها فيما يخص حالات النصب والاحتيال، مع ظهور تصنيفات أخرى تتعلق بغسل الأموال، بما في ذلك الرهان الرياضي والبيع الهرمي والعملات المشفرة.
وكشفت مصادر هسبريس عن محاولة متورطين في شبهات تبييض أموال بواسطة “شركات صورية” استغلال ثغرات المراقبة قي أنظمة تحليل البيانات المعلوماتية، خصوصا لدى المديرية العامة للضرائب، التي تركز بشكل أساسي على كشف مؤشرات التلاعب في تقليص الأرباح للتهرب من أداء المستحقات الضريبية، على حساب حالات تضخيم الأرباح التي لا تقل خطورة.
كما رصدت أبحاث المراقبين تورط محاسبين وبنكيين في تقديم الاستشارة وهندسة تصريحات محاسبية وجبائية على مقاس الشركات المستغلة في تبييض الأموال، بحيث لا تثير شبهات عالية حول نشاطها وأهدافها، من خلال اتباع طرق وحيل للتستر على أنشطتها الفعلية، من قبيل تنويع الزبائن والمعاملات.
المصدر: هسبريس