في وقتٍ تبدو فيه المياه جارية على سطح النيل كالمعتاد، تخفي الأرقام والبيانات تحذيرات صادمة قد تقود مصر إلى واحدة من أسوأ أزماتها البيئية في العصر الحديث.
رغم أن مصر لم تتأثر فعليًا بسد النهضة خلال السنوات الماضية، بفضل أمطار استثنائية ضربت الهضبة الإثيوبية في 2019 و2020، إلا أن الخطر الحقيقي يقترب مع أول موجة جفاف. البنك الدولي ووكالة “ناسا” يشيران إلى واقع مقلق، فمصر تعتمد بنسبة 97% على مياه تأتي من خارج حدودها، بينما سد النهضة الذي اكتمل بناؤه في يوليو 2025، يحتجز 74 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق.
القاهرة بحاجة إلى 114 مليار متر مكعب سنويًا، بينما مواردها لا تتجاوز 60 مليارًا، ما يخلق عجزًا مائيًا كارثيًا يُقدر بـ54 مليار متر مكعب. ومع ارتفاع درجات الحرارة المتسارع منذ عام 2000، والمتوقع أن يتضاعف بحلول 2050، يُهدد التبخر السريع للخزانات المائية، مثل بحيرة ناصر، التي فقدت 14% من مساحتها خلال عام واحد فقط، بتفاقم الأزمة.
الخبراء يحذرون من “جفاف مُصطنع” قد ينتج عن احتجاز إثيوبيا للمياه لأغراض تنموية، ما يجعل خطر العطش في مصر واقعيًا لا افتراضيًا، خصوصًا في ظل غياب اتفاق قانوني ملزم يضمن التدفق العادل للمياه.
تداعيات هذه الأزمة لن تكون بيئية فقط، بل ستمتد إلى تهديد الأمن الغذائي، وارتفاع معدلات البطالة في القطاع الزراعي، وانفجار أسعار المواد الغذائية، مع مخاطر اجتماعية واقتصادية متصاعدة.
يبقى السؤال الأهم: هل يتحرك المجتمع الدولي لتفادي الكارثة قبل أن يفوت الأوان؟