أماني عبدالرحمن بشير
من يتوهم أن الفاشر قد سقطت، لا يعرف الفاشر.
من يتخيل أن المدينة التي صمدت في وجه المجازر، والحصار، والخيانة، يمكن أن تركع، فهو إما مأجور، مريض، أو مقتل عقليًا.
الفاشر لم تسقط اليوم، ولن تسقط غدًا، ولن تسقط ولو مضى ألف عام.
لأنها ليست مجرد مدينة، بل روحُ مقاومة، وجدارُ صمود، ومصدرُ إلهام لكل السودان.
لكل من يتمنى سقوط الفاشر بيد الجنجويد القتلة، نقول:
أنتم تسقطون أخلاقيًا وإنسانيًا، أنتم الجريمة نفسها. أنتم وقود الإبادة، ومؤيدو المذابح، والمتواطئون مع القتلة.
الفاشر لا تُقاس بمساحة، ولا بميزان القوة العسكرية.
الفاشر تُقاس برجالها ونسائها وشبابها الذين رفضوا الاستسلام، وأبوا أن يبيعوا مدينتهم بثمن الدم.
أنتم تسخرون من الشجاعة، وتتغنون بالخراب، لكنكم رأيتم ما لم تتوقعوه:
رأيتم الفتى☝ “محمد علي دفع الله” الذي خرج بسيارته ليدافع عن مدينته بشعار:
“كان كروز، يركب كروز”
وصدم بسيارته العزلاء مركبةً مدججة بالسلاح، متحديًا الموت، وفاضحًا خوفكم وضعفكم.
ذلك الشاب، هو صورة مصغرة لألف، بل لعشرات الآلاف من أبناء الفاشر:
شجعان، أحرار، لا يركعون، لا يبيعون، لا يخونون.
كيف تسقط مدينة كهذه؟
كيف تسقط والفاشر فيها أبطالٌ لا يُهزمون، وأمهاتٌ لا يُقهَرن، وشبابٌ لا يعرفون الانكسار؟
أما أنتم الذين تروجون لسقوط الفاشر، فأنتم تسقطون في وحل الدم، وتسجلون أسماءكم في قوائم العار، كمن وقفوا مع القتلة وباركوا الخراب.
لسنا بحاجة لبيان دولي لنُدين الجنجويد. فكل بيت في الفاشر، وفي دارفور، شاهدٌ على جرائمهم.
ولكننا أيضًا لا نحتاج إلى خيانة “أبناء المدينة” لنعرف أنهم باعوا ضمائرهم، وتحولوا لأبواق تصرخ تحت أقدام الجلاد.
الفاشر ستنتصر، ولن تكون مثل الخرطوم، ولا نيالا، ولا الجنينة.
الفاشر ستبقى، شامخة، واقفة، تقاوم، وتكتب تاريخًا جديدًا بحبر الكرامة.
أما أنتم يا سفاحي الدماء، يا خُدام القتل، فاحلموا كما شئتم…
لكن اعلموا أن الفاشر لا تنحني، بل تكتب نهايتكم الآن، على أسوارها.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة