في جلسة شهدت مرافعة مطولة وقوية، شكك دفاع محمد كريمين، الرئيس السابق لجماعة بوزنيقة، في مضمون ومشروعية تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، واصفا إياه بـ”العبثي”، وذلك خلال جلسة محاكمته الجارية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، على خلفية ما يعرف بملف “صفقات النظافة”.

ويتابع كريمين في هذا الملف إلى جانب عبد العزيز البدراوي، الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي وصاحب شركة “أوزون”، إضافة إلى مهندس سابق بالجماعة، بتهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير.

وخلال مرافعته أمام الهيئة القضائية التي يرأسها المستشار علي الطرشي، اعتبر محامي كريمين أن التهم الموجهة إلى موكله لا تتعدى فعلا واحدا تم تضخيمه ومنحه أوصافا قانونية متعددة، مؤكدا أن تقرير المفتشية لم يتضمن ما يثبت وجود جريمة اختلاس أموال عمومية كما تدعي النيابة العامة.

وشدد الدفاع على أن اختصاصات المفتشية العامة محددة بمرسوم تنظيمي لا يمنحها صلاحية تقييم أعمال رؤساء الجماعات أو إجراء عمليات الافتحاص المالي، معتبرا أن هذا التجاوز يمثل “عبثا قانونيا” لا يستند إلى أي سند تشريعي.

واستند المحامي إلى المادة 107 من قانون المحاكم المالية، مشيرا إلى أن عمليات التدقيق المالي ينبغي أن تخضع لاختصاص قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وليس لمفتشي وزارة الداخلية، محذرا من “تحايل قانوني” يمارس بحق المتهمين عبر هذه الإجراءات.

كما أشار الدفاع إلى أن تحريك المتابعة الجنائية، في حال وجود أفعال جنائية، يجب أن يتم حصرا عبر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، باعتباره رئيس النيابة العامة، وليس بناء على تقارير لمفتشين إداريين.

واعتبر المحامي أن تسريب مضمون تقرير المفتشية، رغم كون المسطرة لا تزال جارية، يشكل خرقا للقانون وجريمة في حد ذاتها، متسائلا عما إذا كان محمد كريمين ضحية لعبد العزيز البدراوي أم العكس.

وتابع دفاع الرئيس السابق لجماعة بوزنيقة مرافعته قائلا: “نحن لا نعترف بتقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، لأنه تجاوز المهام المنوطة بها قانونا، ومع ذلك، سنناقشه أمام المحكمة من باب التوضيح فقط”.

وتركزت المرافعة على التأكيد بأن العلاقة التعاقدية التي تجمع الجماعة بالشركة المفوض لها تدبير النظافة تصب في مصلحة الجماعة، باعتبارها الطرف المستفيد، وهو ما ينفي وفق الدفاع أي شبهة استغلال أو تلاعب.

وفي معرض حديثه عن قرار الإحالة الصادر عن الغرفة الجنحية، شدد الدفاع على أن جنحة استغلال المال العام المنسوبة إلى موكله قد سقطت بالتقادم، مؤكدا أن إصدار شهادة بهذا الشأن يُعد من صلاحيات رئيس الجماعة ولا يندرج ضمن الأفعال الجرمية.

كما اعتبر الدفاع أن تسليم محمد كريمين لشهادة تقادم هو إجراء إداري مشروع، ولا يمكن تأويله على أنه شكل من أشكال استغلال النفوذ أو خرق للقانون، بل ممارسة قانونية خالصة لا ترقى إلى مستوى الجريمة.

وانتقل الدفاع بعد ذلك إلى مناقشة تهمة التزوير في محرر تجاري، نافيا بشكل قاطع ضلوع موكله في هذه التهمة، ومستندا في ذلك إلى اجتهادات قضائية، من ضمنها قرارات لمحكمة النقض الفرنسية، والتي تؤكد على ضرورة توفر نية التزوير وعناصره المادية والمعنوية لإثبات الجرم.

وأكد أن القضاء المغربي، وعلى رأسه محكمة النقض، يعتبر جريمة تبديد المال العام من الجرائم العمدية التي تستوجب قانونا توفر عنصري العلم والقصد الجنائي، مذكرا بأن الأصل في المحاكمات هو قرينة البراءة، وعلى المحكمة أن تبين بشكل واضح الأسس القانونية والمعطيات الواقعية التي اعتمدت عليها في حال قررت الإدانة.

وتساءل الدفاع أمام هيئة الحكم: “من أين يمكن استخلاص الأركان القانونية لجريمة تبديد المال العام من خلال الوقائع المعروضة؟”

وفي ختام مرافعته، التمس الدفاع من المحكمة إصدار حكم ببراءة محمد كريمين، مؤكدا أن طلبه هذا ينبع من قناعة صادقة وثقة راسخة في عدالة القضاء، مشددا على أن الكلمة الأخيرة تظل للعدالة التي وحدها تملك سلطة إنصاف المتابعين في هذا الملف الشائك.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.