(CNN) قال عدد من المسؤولي السابقين والحاليين بوزارة الخارجية الأمريكية، لشبكة CNN، إن عمليات التسريح لموظفي الوزارة قد يؤثر بشكل كبير على قدرة إدارة الرئيس دونالد ترامب على معالجة الأولويات التي أعلنت أنها ستعمل عليها.

وتمّ الأسبوع الماضي تسريح أعداد كبيرة من الموظفين الذين يُعنون بقضايا قالت الإدارة إنها لم تعد من أولوياتها، بما في ذلك فرق تُعنى بتغير المناخ، وقضايا المرأة العالمية، والتبادل التعليمي، واللاجئين، وإعادة توطين الأفغان.

لكنّ عمليات التسريح أثرت أيضًا على المكاتب التي تُعنى بقضايا أعطاها وزير الخارجية ماركو روبيو أولوية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، ووقف تهريب المخدرات، ودبلوماسية الطاقة، والحد من تزوير جوازات السفر والتأشيرات.

وأكدت إدارة ترامب أن هذه المهام ستُنفّذ من قِبل أقسام أخرى في وزارة الخارجية، وأنها “مُصمّمة بعناية” لتجنب التأثير على الوظائف الأساسية. 

ومع ذلك، يُحذّر المسؤولون من أن انعدام الاستمرارية وفقدان الخبرة قد يُشكّلان خطرًا.

وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية إن “فقدان هذا الكم الهائل من الخبرة سيُصعّب على الولايات المتحدة منع الإرهابيين من شنّ هجوم إرهابي كبير على الأراضي الأمريكية.

وسادت حالة من الفوضى مع تطبيق القرار، فعلى الرغم من أن بعض مكاتب واشنطن التي تأثرت بالتسريحات قد تم تحديدها للإلغاء بموجب خطة إعادة تنظيم وزارة الخارجية، إلا أن مصادر تحدثت مع CNN قالت إن العديد من عمليات التسريح جاءت مفاجئة حتى للمديرين.

وقال آخرون إنهم لم يتلقوا سوى القليل من التوجيهات من الإدارة حول كيفية نقل عمل أكثر من 1300 موظف مفصول، وتلقى عدد قليل منهم إشعارات بالفصل، ليتم إلغاؤها بعد ساعات.

وأفادت مصادر لـ CNN أن المكتب الذي يُعنى بعائلات الموظفين الأمريكيين الذين يتوفون في الخارج قد فُصل من جميع موظفيه، مما ترك عائلة واحدة على الأقل في حالة من عدم اليقين.

وحتى أن بعض موظفي المكتب الذين ساعدوا في التخطيط للوجستيات لجمع الأجهزة الإلكترونية من الموظفين المفصولين وكانوا يقومون بذلك يوم الجمعة تلقوا إشعارات بالتسريح.

وعمل العديد من الموظفين الذين فُصلوا في الوكالة لعقود، وكان من بينهم ما يقرب من 250 موظفًا في السلك الدبلوماسي، بمن فيهم بعض الموظفين الذين كانوا على وشك الانتقال إلى مكاتب أخرى.

وذكر مسؤول سابق في وزارة الخارجية لشبكة CNN: “كان لديّ صديقة اكتشفت الأمر أثناء تحليقها في الجو، وهي تتحقق من شيء ما متعلق بشبكة الإنترنت”.

وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأسبوع الماضي أن “إعادة التنظيم ركزت على الوظائف، وليس على الأفراد.

وفي مذكرة صدرت يوم الجمعة للإعلان عن بدء عمليات الفصل، قالت وزارة الخارجية إن عمليات التسريح “صُممت بعناية لتشمل الوظائف غير الأساسية، والمكاتب المكررة أو الزائدة عن الحاجة، والمكاتب التي يمكن تحقيق كفاءة كبيرة فيها من خلال مركزية أو دمج الوظائف والمسؤوليات“.

ومع ذلك، تقول مصادر إنه من المستحيل عزل عمليات التسريح عن “الوظائف غير الأساسية“.

التأثير على القضايا “الحيوية” للإدارة

في قضايا مثل الشؤون القنصلية، لم يُفصل الموظفون المسؤولون عن معالجة التأشيرات وجوازات السفر ومع ذلك، قالت مصادر إن التخفيضات في مكاتب أخرى قد يكون لها تأثير.

وكان روبيو صرّح سابقًا بأن وزارة الخارجية قد تُوسّع مكتب الشؤون القنصلية، المسؤول عن التأشيرات وجوازات السفر ومساعدة المواطنين في الخارج، وذلك لتلبية الطلب على الفعاليات القادمة في الولايات المتحدة مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم.

وأكد مايكل ريغاس، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية، للمشرعين يوم الأربعاء أن الأشخاص الذين “يُقيّمون جوازات السفر، والذين يقومون بعمل خدمة العملاء الذي نرغب في استمراره، لم يُقلّصوا أو يُلغوا“.

ومع ذلك، سُرِّح موظفون في مكاتب داخل مكتب الشؤون القنصلية يوم الجمعة.

وتأتي هذه التخفيضات في الوقت الذي طبّقت فيه الإدارة مستويات جديدة من التدقيق على الراغبين في الحصول على تأشيرات طلابية وتبادل إلى الولايات المتحدة.

وقالت مصادر إن مكتب برامج منع الاحتيال التابع لمكتب الشؤون القنصلية شهد تخفيضات كبيرة، وتعمل هذه الوحدة “على حماية سلامة جميع الخدمات القنصلية من الاحتيال”، وفقًا لمقال صادر عن وزارة الخارجية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وجاء في المقال: “يُسهم الكشف عن الاحتيال ومنعه بفعالية في أمن الحدود الأمريكية، ويُسهّل السفر المشروع، ويحمي المواطنين الأمريكيين“.

وقال مسؤول سابق آخر في وزارة الخارجية: “من الصعب التوفيق بين هذا وما كانت الإدارة تقوله“.

وتساءلوا عن كيفية قدرة المكتب على تلبية الطلب “في ظل تقليص جميع عناصر الدعم”، مثل تقليص عدد الموظفين في وحدة منع الاحتيال وإدارة العقود، بالإضافة إلى إلغاء مهام الموظفين الذين كانوا في طريقهم لشغل مناصب رئيسية.

ويخشون أنه إذا تمكنت القوى العاملة المتبقية من تلبية الطلب المتزايد على المدى القصير من خلال القيام بمهام متعددة “فسيعزز ذلك فكرة أننا لم نكن بحاجة إلى أي من هذه الوظائف”، على حد قولهم.

وعلى المدى الطويل، فإن حجم الضرر الذي سيحدثه يشكل مصدر قلق حقيقي بالنسبة لي، وقالوا إن “الفجوة بين ما يقولونه وما يفعلونه هائلة.

مكافحة الإرهاب

تأثر مكتب آخر يُعنى بمكافحة الإرهاب بشكل كبير بإعادة التنظيم. تُنقل بعض وظائفه إلى أقسام أخرى في وزارة الخارجية، مثل المكاتب التي تُركز على القضايا الإقليمية أو متعددة الأطراف. 

ويُحذر المسؤولون من أن هذه المكاتب قد لا تُعطي الأولوية لمكافحة الإرهاب، كما تُلغى وظائف أخرى بالكامل.

وتم تسريح جميع موظفي المكتب الذي كان يُركز على مكافحة التطرف العنيف.

 وشمل ذلك أولئك الذين يعملون على إعادة دمج المقاتلين الإرهابيين الأجانب في أماكن مثل سوريا أو الذين يستهدفون التطرف العنيف بدوافع عنصرية أو عرقية، مثل جماعات تفوق العرق الأبيض.

وقال مسؤول سابق آخر في وزارة الخارجية: “بالنظر إلى ميل هذه الإدارة إلى تصنيف جماعات جديدة كمنظمات إرهابية، قد يعتقد المرء أن مكافحة الإرهاب كانت ستكون آمنة نسبيًا، لكنها بدلاً من ذلك تم تقليصها”، مشيرًا إلى أن ما تبقى سيكون نسخة “مخففة” تفتقر إلى القدرة على وضع خطط استراتيجية.

وذكر المسؤول السابق الأول في وزارة الخارجية أنه على الرغم من استمرار تصنيفات الإرهاب، إن التحول نحو تصنيف عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية كمجموعات إرهابية سيزيد من عبء عمل القائمين على هذه التصنيفات.

وفيما يتعلق بدبلوماسية الطاقة، يقول مسؤولون سابقون إن هناك خللًا آخر، وشهد روبيو في وقت سابق من هذا العام أمام الكونغرس بأن الطاقة ستكون “في طليعة السياسات على مدى المائة عام القادمة”، وقال إن أحد أسباب ذلك هو أن الذكاء الاصطناعي يتطلب طاقة هائلة، مما يعني وجود “فرص استراتيجية” للدول.

وتابع روبيو: “نحن بحاجة إلى أن نكون على طاولة الحوار لإجراء محادثات، ليس فقط حول دورنا في مجال الطاقة، ولكن أيضًا حول كيفية مساعدتنا في الاستثمار أو الشراكة مع الدول التي تمتلك إمدادات الطاقة“.

وأقر روبيو بأن مكتب موارد الطاقة سيُدمج مع المكتب الاقتصادي في الوزارة كجزء من إعادة الهيكلة.

ومع ذلك، قال مسؤول سابق آخر في وزارة الخارجية فُصل من ذلك المكتب إن عدد العاملين في قسم الطاقة في الوزارة سينخفض من حوالي 100 شخص إلى 35 شخصًا، مما سيعيق قدرة الوزارة على تحقيق أولوية إدارية.

وذكر المسؤول السابق: سيكون عدم المشاركة في مؤتمرات الطاقة الدولية أحد التداعيات. وهذا يعني خسارة صفقات تجارية حقيقية. في تلك الاجتماعات، نطرح طلبات الشركات الأمريكية على كبار المسؤولين من دول أخرى. وفي هذه المؤتمرات، هناك مشاركة صينية كبيرة، وإذا لم تتحدث الدول معنا، فإنها ستتحدث مع الصين“.

الغضب يتصاعد داخل الوزارة

في هذه الأثناء، يتصاعد الغضب داخل الوزارة بسبب التخفيضات وطريقة التعامل معها.

وفي اجتماع مفتوح لموظفي أحد المكاتب المتأثرة يوم الثلاثاء، تدفقت مئات الأسئلة والتعليقات المجهولة المصدر والغاضبة.

وسأل أحدهم: “تم فصل زملائي بناءً على المنصب الذي شغلوه في يوم معين فقط، ولم يكن للجدارة أي دور. كيف تخططون لاستعادة ثقتنا في المستقبل؟“.

وقال آخر: “من الصعب سماعكم تطلبون الصبر وبذل الجهد الجماعي، بينما أنتم استنزفتم فرقنا، ولا يبدو أن هناك أي جهد لحمايتنا“.

وخلال الاجتماع المفتوح، كانت أسئلة موظفي وزارة الخارجية المجهولين علنية للمشاركين، لكن الإدارة التي أجابت على الأسئلة تجاهلتها إلى حد كبير قبل إنهاء الجلسة، كما أوضح المسؤولون.

وعُقد عدد من الاجتماعات المفتوحة لمختلف فروع وزارة الخارجية في الأيام التي تلت عمليات الفصل الجماعي يوم الجمعة.

إخلاء مسؤولية إن موقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”

شاركها.