أكد هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الخميس، “دقة المرحلة” التي يمر منها المغرب؛ إذ “تتخللها انتظارات كثيرة”، مفيدا بأن “الدور المنوط بالقضاء أصبح يتعدى الكلاسيكي المتمثل في فض النزاعات؛ حيث نتحدث اليوم عن القضاء الاجتماعي، الذي يساهم في تحقيق التنمية”.
وفي حديثه إلى المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة العالية والمتخصصة، ضمن لقاء تواصلي عقدته معهم رئاسة النيابة العامة لإطلاعهم على خطة العمل المقترحة من قبل الرئيس، قال بلاوي إن “القضاء أصبح من بين الآليات التي تساهم في تحقيق النموذج التنموي الجديد”.
“هذه تحديات كلها تفرض علينا الرفع من إيقاع عملنا وتحسين مستوى أدائنا”، يضيف المسؤول القضائي ذاته، معتبرا أن “هذه الرهانات لا يمكن تحقيقها إلا بالعمل الجماعي والتنسيق والجدية”.
وفي تعداده لمسؤولي القضاء الواقف سياقات هذا اللقاء التواصلي، ذكر بلاوي “التحديات الكبرى الدولية التي تنتظرها البلاد”، مستحضرا في هذا الصدد ما يشهده المغرب من “دينامية متسارعة”، بقيادة الملك محمد السادس، “حيث سجّلت في عهده تحولات عميقة وجذرية”.
وأشار إلى أن المملكة “أضحت تحتضن مجموعة من المنتديات الدولية، ككوب 22 سابقا، واجتماعات البنك الدولي في مراكش قبل أشهر. كما أنها مقبلة على احتضان كأس العالم 2030″، ولفت إلى أن “كل هذه المؤشرات تعكس خصوصية الأمن والاستقرار اللذين يحظى بهما المغرب، ويغيبان في المنطقة”.
وعرّج هشام بلاوي على “سياق الطفرة التشريعية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة”، وقال للمسوؤلين القضائيين: “هي تفرض علينا تهيئة أنفسنا لكي نطبقها تطبيقا سليما، ونحقق غاية المشرّع منها”، مشيرا إلى ورش مدونة الأسرة، وكذلك قانون العقوبات البديلة الذي ينتظر دخوله حيز التنفيذ في غشت المقبل.
وأضاف: “بدأنا الاشتغال منذ مدة” في هذا الجانب، مستدركا بالقول: “يجب أن نهيء البنيات البشرية واللوجيسيتكية والمؤسساتية لإنجاح هذا القانون المعوّل عليه، لتقليل الاكتظاظ في صفوف الساكنة السجنية”.
وأكد أن “موضوع الاعتقال الاحتياطي يحضر دائما كإحدى أولويات السياسة الجنائية، ودائما ما يشار فيه إلى النيابة العامة، على اعتبار أنها تصدر أوامر بالإيداع”.
ووضّح أنه “في وقت من المفروض أن يخفف القانون من الساكنة السجنية، يجب ألا نجده يطبّق فقط على الموجودين في مراقبة أو كفالة؛ فيبقى عدد هذه الساكنة مستقرا”، مخاطبا مسؤولي النيابة العامة: “بفضل مجهودكم والسادة القضاة، شهرا بعد شهر ينخفض الاعتقال الاحتياطي، وإن كانت نسب الانخفاض قليلة، إلا أنها تبقى مؤشرا على أن ثمة مجهودا”.
كما استحضر رئيس النيابة العامة، في كلمته، “قانون المسطرة الجنائية الذي سيكون في غضون أيام قليلة جاهزا؛ وقد جاء بعدة مقتضيات وأعطى اختصاصات كثيرة لقضاة النيابة العامة فيما يرتبط بالبحث الجنائي، سواء من حيث آلية البحث الجديدة أو غيرها من المهام، إلى جانب اختصاصات أخرى متعددة”.
وأكدّ بلاوي أن هذا اللقاء يندرج أيضا في سياق تعيينه قبل شهرين رئيسا للنيابة العامة، مجددا الشكر للملك محمد السادس على هذا التعيين، وكذلك “على كل ما قدمه لهذه السلطة، التي ما كانت لتتبوأ المكانة التي توجد عليها الآن لولا عنايته الموصولة”.
تتأطر التظاهرة أيضا “بالواجبات التي تقع على عاتقي بمقتضى ظهير تعييني بصفتي المسؤول الأول عن قضاة النيابة العامة”، وكذلك القسم أمام الملك محمد السدس، “الذي التزمت فيه بالحرص على رفع مستوى ونجاعة أداء النيابة العامة وأن تكون مواطنة وفعالة وموصلة للحقوق”، يقول المسؤول القضائي ذاته.
جدير بالذكر أن من بين التوجهات التي يتضمنها المخطط الاستراتيجي لرئاسة النيابة العامة برسم الفترة 20262029، والتي اطلع عليها المسؤولون القضائيون بالنيابات العامة لدى محاكم المملكة، “تعزيز الثقة في مؤسسة النيابة العامة والرفع من نجاعة أدائها”، و”حماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات”، و”محاربة الفساد وتخليق العامة الحياة”، فضلا عن “رقمنة الإجراءات الحريات والخدمات”.
المصدر: هسبريس