تشهد سوريا تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، مع تنفيذ إسرائيل لأكثر من 160 غارة جوية استهدفت مواقع في دمشق والسويداء، بالتزامن مع اشتباكات دامية بين القوات الحكومية ومسلحين دروز في الجنوب، أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. 

وفيما تبرر تل أبيب هجماتها بأنها لحماية الدروز، تتصاعد التحذيرات من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة أوسع، وسط تجاهل للتحذيرات الدولية وتعقيد متزايد في المشهد الميداني والسياسي

سوريا ساحة خلفية للصراع| خبير سياسي: الغارات على السويداء رسالة حاسمة لإيران وحزب الله

وقال الدكتور سعيد الزغبي الخبير في الشؤون السياسية، إن سوريا باتت تمثل الساحة الخلفية للصراع بين إيران وإسرائيل، خصوصًا بعد سنوات الحرب التي استغلتها طهران لترسيخ وجود عسكري واستخباراتي واسع، شمل قواعد، مستودعات، وصواريخ دقيقة، فضلًا عن دعمها لعشرات الفصائل الموالية داخل الأراضي السورية.

وأوضح الزغبي، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد ، أن التمركز الإيراني قرب الجولان، مع استمرار خطوط الإمداد المفتوحة لحزب الله من طهران عبر بغداد ودمشق وصولًا إلى البقاع، شكل تهديدًا مركبًا للأمن الإسرائيلي،  ومن هنا، فإن تل أبيب تسعى بشكل ممنهج لإحباط التموضع الإيراني، ومنع تراكم أسلحة نوعية مثل الصواريخ الدقيقة، والطائرات المسيرة بعيدة المدى، وأنظمة الدفاع الجوي التي قد تقيد حركتها مستقبلًا.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الغارات الإسرائيلية بمثابة رسائل مباشرة لإيران وحلفائها، قال الزغبي: “بلا شك، هذه الضربات تحمل أكثر من رسالة على عدة مستويات. فالرسالة الأولى عسكرية تكتيكية لإيران، مفادها أن أي محاولة لإعادة بناء قدرات هجومية بالقرب من الجولان سيتم التصدي لها فورًا، والثانية استراتيجية لحزب الله، تؤكد أن المخازن وخطوط الإمداد لن تكون آمنة حتى لو تم نقلها إلى الداخل السوري.”

وأشار الزغبي إلى أن هناك أيضًا رسالة سياسية موجهة لروسيا والنظام السوري، تؤكد أن إسرائيل تحتفظ بحقها في تأمين محيطها الأمني، ولن تسمح بوجود قواعد إيرانية على مسافة 50 أو حتى 100 كيلومتر من حدودها.

وتابع قائلًا: “إسرائيل تمارس ما يمكن تسميته بسياسة الاحتواء منخفض الوتيرة، حيث توجه ضربات محسوبة ودقيقة، دون التورط في حرب شاملة أو اجتياح واسع.”

وعن مدى فعالية هذه الاستراتيجية، أضاف الزغبي: “على المدى القصير، نعم، فإيران تفضل التمركز الصامت وتتجنب المواجهة المباشرة التي قد تستنزف حلفاءها أو تعرقل مشروعها النووي الذي كان يفترض أن يتم إنهاؤه أمريكيًا.”

لكنه حذر من هشاشة هذا الوضع على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن “الاحتواء الحالي مؤقت، فإيران تواصل إرسال شحنات السلاح عبر العراق وسوريا، كما أن الفصائل الموالية لها تتأقلم بسرعة مع الأساليب الإسرائيلية، وتعيد بناء قدراتها بشكل مستمر.

وسط غياب المحاسبة الدولية.. إسرائيل تتمادي في انتهاك السيادة السورية
 

قال الدكتور هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إن استمرار القصف الإسرائيلي لمواقع داخل الأراضي السورية يمثل “انتهاكًا صارخًا لسيادة الدولة السورية”، ويعكس “نهجًا ممنهجًا من قبل إسرائيل في خرق قواعد القانون الدولي، وعدم احترام الضوابط التي تحكم العلاقات بين الدول”.

وأضاف“الاعتداءات المتكررة على سوريا، إلى جانب الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها إسرائيل داخل لبنان وقطاع غزة، تكشف عن طبيعة المرحلة الراهنة، حيث تستغل تل أبيب الغطاء الأمريكي والدعم الغربي لتحقيق ما تسميه أمنها القومي، عبر تصفير التهديدات المحيطة بها”.

وتابع سليمان“هذه الاعتداءات لا تمثل فقط خرقًا للقانون الدولي، بل تكشف أيضًا عن غياب شبه تام لآليات المحاسبة والمساءلة الدولية، في ظل صمت واضح من المجتمع الدولي، وازدواجية معايير تحكم المواقف الغربية تجاه السلوك الإسرائيلي”.

وأوضح سليمان أن “الهجمات على الداخل السوري لا يمكن فصلها عن الرسائل التي تسعى إسرائيل لتوجيهها إلى إيران، إذ تحاول تل أبيب التأكيد على قدرتها على تجريد طهران من أدواتها ونفوذها الإقليمي، وحرمانها من أي فرصة للتموضع مجددًا داخل سوريا.”

وأشار إلى أن “السلوك الإسرائيلي في سوريا يأتي في سياق أوسع من التصعيد الإقليمي، ويتكامل مع ما يجري داخل لبنان، حيث تعمل إسرائيل على فرض معادلة ردع جديدة، تعكس حالة من التفوق الميداني ومحاولة التحكم في الجبهات المحيطة بالأذرع الإيرانية.”

وختم الدكتور هاني سليمان تصريحه قائلًا “ما نشهده الآن هو استعراض إسرائيلي للقوة، يتم في ظل دعم أمريكي أوروبي، وغياب أدوات الردع الدولية، ما ينذر بمزيد من التصعيد الإقليمي إذا لم يتم تدارك الموقف عبر تحرك دبلوماسي فاعل ومتوازن.

أحمد فؤاد أنور: الهجمات الإسرائيلية رسالة موجهة للنظام السوري للابتعاد عن حزب الله

قال الدكتور أحمد فؤاد أنور في تصريحات صحفية لموقع صدى البلد الاخباري استمرار الهجمات الإسرائيلية على دمشق وجنوب غرب سوريا، واستهداف مواقع استراتيجية داخل الأراضي السورية، رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار في السويداء، يحمل دلالات شديدة الأهمية، فهناك سعي واضح للضغط على الرئيس أحمد الشرع  وعلى الإدارة الجديدة، لكي  توقع الاتفاقات الإبراهيمية.

وتابع: “إسرائيل، رغم أنها تروج أن تدخلها يأتي استجابة لضغوط من الدروز داخل أراضيها، بمن فيهم أعضاء في الكنيست وإعلاميون، إلا أن الهدف الحقيقي مختلف تمامًا، ما يجري على الأرض يشير إلى خطة لجعل جنوب غرب سوريا منطقة منزوعة السلاح، وفتح إشتباك  مع حزب الله، قبل أن يتمكن من ترتيب صفوفه ودمج وحداته استعدادًا لجولة مقبلة مع إسرائيل، التي لا تلتزم  باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.”

وأضاف أنور “الضربات التي طالت القصر الرئاسي ومبنى القيادة العامة ليست سوى بداية، فهناك نية لاستمرار العمليات، وهو ما تؤكده مؤشرات مثل سحب بعض القوات الإسرائيلية من غزة وتحريكها نحو سوريا، هذه التحركات تدل على وجود رغبة في إطالة أمد التصعيد، وليس الاكتفاء بضربات محدودة.”

واختتم الدكتور أحمد فؤاد أنور تصريحاته قائلاً:“ما يحدثنا الآن يمثل تطورًا بالغ الخطورة، ويستدعي المتابعة الدقيقة لكشف المخطط الإسرائيلي، ليس فقط أمام الرأي العام السوري، بل العربي والدولي أيضًا. تحياتي.

شاركها.