صباح محمد الحسن


صباح محمد الحسن

طيف أول:
هذه الشهقة التي جثمت على ضفاف الوطن كيف استطاعت أن تخبره
بأن النيل أيضًا يتأوّه!!

وتتمثل خطورة الفهم الخاطئ للمواقف الدولية، والتي كثيرًا ما تُفصّلها الحكومة على مقاس حاجتها للدعم السياسي الدولي، فشعورها بالعزلة يجعلها تفسر هذه المواقف تفسيرًا خاطئًا.
فقد احتفت الحكومة قبل شهر واحد بترحيب الاتحاد بخطوة تعيين كامل إدريس، وهلّلت بهذا الترحيب وعدّته موقفًا داعمًا لحكومة إدريس، وأنه خطوة جيدة لدعم شرعية البرهان، ويمهد لعودة السودان إلى مقعده في الاتحاد الإفريقي.
إلا أن فعاليات الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الإفريقي، المنعقدة في عاصمة غينيا الاستوائية (مالابو)، أمس الأحد، كشفت أن الاتحاد الإفريقي تعاطف فقط مع السلطة وفضل تشجيعها لاتخاذ خطوات جادة لتشكيل حكومة كفاءات تحقق السلام، وتكرّس جهودها لرفع الأزمة الإنسانية عن كاهل المواطن.
ولكن يبدو أن الاتحاد الإفريقي اكتشف أن الأمر ليس كما يعتقد، وأن حكومة الكفاءات جاءت بذات “الكفوات” القديمة التي تعيد المجد للنظام البائد، الأمر الذي يضعه في موقف محرج أمام المجتمع الدولي.
ومن الطبيعي أن تتجاوز القمة السودان حضورًا ومشاركة ، لأنه ليس عضوًا في الاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى أن الاجتماع تنسيقي يختص بتقييم العمل بشأن تحقيق التكامل الإقليمي في القارة، ومناقشة المنطقة القارية الحرة للتجارة والتحديات التي تواجهها، وهو أمر يعني الدول المستقرة والتي لها مصداقية وجدية في تركيز جهودها على التنمية وتطوير التجارة والتعاون الإقليمي، وليست الدول التي ترفع شعار الاستقرار دون أن ينعكس ذلك على الواقع!
ولكن غير الطبيعي أن يتجاوز رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، في كلمته السودان، فعندما تحدث عن أن هناك دولًا إفريقية جادة في عملية الاستقرار والتطور الواعد لم يذكر السودان، وتجاوزه بصورة ملفتة حيث قال:
“إنه وفي خضم هذه التحديات، نشير إلى تطورات واعدة، تتمثل في اتفاق جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، واستعادة النظام الدستوري في الغابون، وعملية الانتقال المخطط لها في غينيا”.
ولو أن الاتحاد الإفريقي كان مؤمنًا بخطوات البرهان في تشكيل حكومة كفاءات في السودان، وأنها ستقود إلى التنمية والاستقرار كما ادّعت، لاعتبر بلا شك رئيس المفوضية هذه الخطوة “تطورًا واعدًا” نحو تحقيق الاستقرار في السودان.
ولم يكتف بذلك، فالرجل اعتبر السودان وما يحدث فيه عقبة في طريق الاستقرار والتنمية، الأمر الذي يعيق تطور القارة، وأشار إلى ذلك بقوله:
“إن استمرار عدم الاستقرار السياسي، والأزمات الإنسانية، وانعدام الأمن في دول مثل السودان والصومال ومنطقة الساحل، لا يزال يعيق تنمية القارة”.
مما يعني أن خدعة البرهان أصبحت مكشوفة إفريقيًا في وقت لم تنتهِ فيه الحكومة من ترتيب مظهرها النهائي، كما أن يوسف ترجم معنى المفهوم الخاطئ للحكومة عندما ظنت أنها كسبت الاتحاد الإفريقي بمجرد ترحيبه بخطوة تعيين رئيس وزراء.
وقد ذكرنا من قبل أن ترحيب الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة هو مجرد مجاملة لحث البرهان على خطوات جادة هذه المرة، لا أكثر، ولكن يبدو أن الاتحاد الإفريقي الآن يعيش حالة إدراك.
وسبق أن تحدثنا هنا عن هجوم وزارة الخارجية على تحالف “صمود” بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك بسبب زيارتها إلى جنوب إفريقيا، وذكرنا أن دولة جنوب إفريقيا ذات تأثير وثقل إفريقي، وربما تتسبب الزيارة في إرباك حسابات الحكومة، سيما أنها جاءت بعد إعلان الاتحاد ترحيبه بقرارات البرهان بتشكيل حكومة كفاءات.
ولذلك قالت الحكومة حينها إنها “ترفض أي تعامل من الدول الإفريقية مع صمود”. وقتها رجّحنا أن الزيارة ربما تقطع أمل الحكومة في نيل الشرعية بالإجماع الإفريقي ، ولهذا أصدرت الخارجية بيان الشتيمة ضد “صمود”!
ويبدو أن أثر الزيارة قد تجلّى في قمة الأمس.
وأهم ما جاء في القمة أيضًا أنها كشفت مخاوف دول الجوار من تمدد الإرهاب في المنطقة، حيث جاء ذلك في كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عندما حذّر من تأثير النزاعات المسلحة و”الإرهاب”، وتداعيات تغيّر المناخ على الاستقرار والتنمية في إفريقيا.
وكأن السيسي يُذكّر الدول الحاضرة بأن مناقشة التكامل الإقليمي والتنمية يعد مستحيلًا في ظل خطر تمدد الجماعات الإرهابية.

طيف أخير:
ولماذا لم تتسلم حركة مناوي ردًا على ترشيحها نور الدائم طه من رئاسة مجلس الوزراء ليتولي منصب وزير المعادن، طالما أن الحركة نفت ما تم تداوله عن “الفحص الأمني”؟
أم أن الصراع البارد بين الحركة وجهاز الأمن أكبر مما يتم نشره على منصات السوشيال ميديا!

نقلا عن صحيفة الجريدة السودانية 

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.