أفادت المعطيات الظرفية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط برسم الفصل الأول من سنة 2025 أن الاقتصاد الوطني سجل نموا بنسبة 4,8% على أساس سنوي، مدفوعا بتحسن الأنشطة الفلاحية وتوسع القطاعات الثانوية والثالثية، معززا بزخم قوي في الاستهلاك والاستثمار.
وتُقدّر توقعات الفصل الثاني بأن يواصل الاقتصاد الوطني هذه الدينامية بنسبة نمو تناهز 4,6%، فيما يُرتقب أن يبلغ النمو خلال الفصل الثالث 4,4%، رغم استمرار هشاشة الطلب الخارجي وتزايد التوترات في المحيط الدولي.
ووفق المؤشرات المتوفرة، فإن دينامية الفصل الأول تعود إلى الأداء القوي لقطاعات البناء (6,3%)، والمعادن (6,7%)، والصناعات الكيماوية (6,8%)، والسياحة (9,7%)، إلى جانب انتعاش نفقات استهلاك الأسر بنسبة 4,4% مدفوعة بتحسن التشغيل، في وقت بلغ فيه نمو الاستثمارات 17,5%، خاصة في مشاريع البنية التحتية الرياضية والطرقية والمائية.
وسجلت الأنشطة غير الفلاحية خلال الفصل الثاني من السنة أداء مستقرا، لاسيما قطاع الخدمات الذي واصل تسجيل معدلات نمو تفوق مستوياته ما قبل الجائحة، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب الدولي على الفوسفاط الخام، ما انعكس إيجابا على صادرات الصناعات الاستخراجية. كما ارتفع نشاط قطاع البناء بنسبة 6,8%، مستفيدا من المشاريع الكبرى، في حين حافظ القطاع الفلاحي على نمو معتدل في حدود 4,7% رغم تباين الظروف المناخية.
أما على مستوى الطلب الداخلي، فاستمر في دعم النمو الاقتصادي بمساهمة بلغت 7,7 نقاط خلال الفصل الثاني، بفضل تحسن استهلاك الأسر ومواصلة الاستثمارات العمومية. بالمقابل، واصل الطلب الخارجي مساهمته السلبية في النمو بـ3,1 نقاط، نتيجة تباطؤ صادرات بعض القطاعات وتزايد الواردات بفعل قوة الطلب الداخلي.
وبخصوص الضغوط التضخمية، فقد شهد الفصل الثاني تراجعا ملحوظا في التضخم الأساسي إلى 1,1%، وهو أدنى مستوى منذ 2021، فيما سجلت أسعار الاستهلاك ارتفاعا طفيفا بنسبة 0,8%، بفعل تراجع أسعار المواد الغذائية والطاقة. ويتوقع أن تستقر معدلات التضخم عند نفس المستوى خلال الفصل الثالث، في حال استمرار انخفاض أسعار النفط وتحسن عرض المنتجات الغذائية.
وعلى صعيد التمويل، حققت القروض الموجهة للاقتصاد نموا بنسبة 7,5% خلال الفصل الثاني، فيما سجلت الاحتياطيات الرسمية ارتفاعا بنسبة 9,5%، واستقر سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب عند 2,25%. وواصلت مؤشرات سوق الأسهم منحاها الإيجابي، حيث ارتفع مؤشر “مازي” بنسبة 37,6% على أساس سنوي، مدفوعا بتحسن أداء شركات المعادن والعقار وثقة المستثمرين في بيئة مالية ملائمة.
وتشير التقديرات الأولية للفصل الثالث من سنة 2025 إلى استمرار النمو بنسبة 4,4%، مدفوعا بارتفاع الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 4,2%، واستمرار زخم الطلب الداخلي، غير أن هذا السيناريو يظل معرضا لعدة مخاطر خارجية، في مقدمتها التباطؤ المتوقع لدى شركاء المغرب الأوروبيين والتأثير المحتمل للرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، مما قد يحد من أداء الصادرات، خصوصا في قطاعات السيارات والصلب والصناعات الكيماوية.
ويُتوقع أن تساهم بعض العوامل في التخفيف من حدة هذه المخاطر، مثل انتعاش الصناعات الغذائية، وتحسن سلاسل الإنتاج الكيميائي، إضافة إلى إمكانية انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولارا للبرميل، مما قد يدعم استقرار الأسعار ويعزز استمرارية النمو الاقتصادي الوطني خلال ما تبقى من سنة 2025.
المصدر: العمق المغربي