نظم أفراد من أسرة وأقارب، الفقيد الطفل القاصر راعي الغنم بجماعة أغبالو اسردان، نواحي بومية، بإقليم ميدلت الذي، مدعومين بأعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وقفة احتجاجية صباح اليوم أمام مقر النيابة العامة بالرباط، للمطالبة بفتح تحقيق جدي ونزيه في ظروف وفاة الشاب محمد، الذي وُجد جثة هامدة يوم 16 يونيو بمنطقة أيت زعرور، في حادثة ما تزال غامضة ومثيرة للريبة.
وطالب أفراد العائلة بكشف الحقيقة ومعاقبة الجناة، متهمين السلطات بـ”التقاعس” عن التعامل مع الواقعة بما يليق بخطورتها. وأكدوا أن ابنهم، البالغ من العمر 15 عاما، كان المعيل الوحيد لأسرته المكونة من والديه المريضين وشقيقين صغيرين، بعدما اضطر لترك مقاعد الدراسة مبكراً لرعي الغنم وإعالة الأسرة.
وأوضحت الأسرة أن محمد خرج كعادته صباح يوم 16 يونيو برفقة قطيعه إلى المراعي، إلا أن القطيع عاد مساء اليوم نفسه بدونه. دفع ذلك ذويه للبحث عنه، ليعثروا عليه جثة هامدة، رأسه موضوع في حبل وركبتاه جاثيتان على الأرض. وصف الأقارب هذا المشهد بأنه “غير منطقي” كحالة انتحار، خاصة وأن طول الحبل كان أقل من طول محمد، والحبل بدا مرتخيا وغير محكم.
كما أعرب أقارب الفقيد عن استيائهم من الطريقة التي تعاملت بها السلطات، حيث جرى نقل الجثة إلى مستشفى الراشيدية لتشريحها دون مرافقة أي فرد من العائلة، التي تؤكد أنها لم تتوصل حتى اليوم بملف التشريح الرسمي، مشددين على أن التساهل مع هذه الواقعة وعدم إنصاف ابنهم قد يشجع على تكرار حالات مماثلة مستقبلاً، محذرين من أن “التغاضي عن هذه الجريمة سيجعل حياة باقي الرعاة والفقراء في خطر”.
وذكرت العائلة أن شكوكها تتركز على أحد ملاك الأراضي بالمنطقة، الذي سبق أن اشتكى مرارا من قطيع محمد بدعوى أنه يتلف محاصيله. وأوضحت أن ذات الشخص حضر صباح يوم الوفاة إلى منزلهم وهدد ابنهم، مما زاد من يقينهم بوجود شبهة جنائية، مشيرين إلى أن المشتبه به لم يوضع رهن الحراسة النظرية في انتظار نتائج التشريح.
وطالبت أسرة الضحية بفتح تحقيق نزيه وشامل، ونشر تقرير التشريح الطبي، ومحاسبة المسؤولين عن وفاة ابنهم، مؤكدين أنهم “لن يتنازلوا عن حق ابنهم ولن يسمحوا في دمه”. وذكر الأقارب أن محمد كان معروفا بحسن خلقه بين جيرانه وأقرانه، ولم يكن يشكو من أي مرض نفسي، بحسب ما أفادت به الأسرة، التي ناشدت بدورها مؤسسات الدولة إنصافها وإعادة الاعتبار لكرامة ابنها الضحية.
النيابة العامة تكشف نتائج التشريح
أفاد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية، أنه بخصوص ما يتم ترويجه في بعض وسائط التواصل الاجتماعي من كون وفاة الطفل الذي تم العثور على جثته بمنطقة بومية قد تعرض لاعتداء جنسي وبدني، فإن “هذه الادعاءات غير صحيحة”.
وأكد المصدر ذاته أن النيابة العامة، بمجرد العثور على جثة الطفل، بادرت إلى إعطاء تعليماتها للشرطة القضائية لفتح بحث قضائي معمق بخصوص هذه الواقعة للوقوف على ظروف وملابسات الوفاة. وأوضح الوكيل العام، أنه قد تم الاستماع لمجموعة من الأشخاص في هذا الإطار، بما في ذلك والدا الطفل الهالك، كما تم إجراء المعاينات اللازمة على الجثة وأخذ العينات الضرورية.
وأضاف البلاغ أن تشريحا طبيا أجري على الجثة، وخلصت نتائجه الأولية إلى أن الوفاة ناتجة عن اختناق باستخدام حبل، وأن الجثة لا تحمل أي آثار لاعتداء سواء كان ذا طبيعة جنسية أو جسدية.
وسجل المصدر ذاته، الأبحاث القضائية ما زالت مستمرة في هذا الشأن، وفور استكمالها سيتم ترتيب الآثار القانونية المناسبة على ضوء نتائجها.
اتهامات بمحاولات طمس الحقيقة
من جهتها، أطلقت فعاليات مدنية وحقوقية نداء استغاثة للمطالبة بكشف الحقيقة الكاملة وراء مقتل الطفل القاصر راعي الغنم بمنطقة أغبالو اسردان، داعية إلى إعادة فتح التحقيق في القضية الغامضة وسط اتهامات بمحاولات “طمس الحقيقة والتستر على الجاني”.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تدين “الصمت غير المبرر” حول مقتل القاصر، وتساءلت عمن يقف وراء الجريمة والتستر عليها. وأشار المنشور إلى أن التحقيق الأولي استبعد فرضية الانتحار، ما يعزز فرضية القتل العمد، وأن الجاني وأدوات الجريمة (حبل وأعواد) يُعتقد أنها تعود لشخص معروف سبق أن هدد الضحية.
كما تساءلت المصادر عن دور مكانة الضحية الاجتماعية في “محاولة تزييف التقارير وتضليل العدالة”، مشيرة إلى حديث عن دفع مبالغ مالية ضخمة للتكتم على الواقعة. ودعت الفعاليات إلى فتح تحقيق شفاف ومسؤول، موجهة نداءً إلى الوكيل العام بالرشيدية ووكيل الملك بميدلت والأجهزة الأمنية للنظر بجدية في التحقيقات السابقة وما شابها من تلاعب أو تقصير. وشدد النشطاء على أن كرامة المواطنين وحرمة الدماء أسمى من أي سلطة أو مال أو نفوذ، وأن الهدف هو تحقيق العدالة دون تمييز طبقي أو اجتماعي.
المصدر: العمق المغربي