تحولت قصص حب افتراضية ولقاءات عابرة إلى أرضية خصبة لعمليات نصب محكمة، يتقنها أشخاص محترفون في التمويه والتلاعب النفسي، ممن ينتحلون صفات اجتماعية ومهنية مرموقة، ويقدمون أنفسهم كفرسان أحلام، قبل أن يكشف الزمن عن حقيقتهم كمجرمين بلا رحمة، يتغذون على الثقة والمشاعر بحثا عن المال والمكاسب السهلة.
وفي ظل هذه الظاهرة الآخذة في الاتساع، برزت قصة الشابة مريم (اسم مستعار)، التي كشفت تفاصيل محنتها، بعدما سقطت ضحية شاب ادعى الحب ووعدها بالزواج، ليتحول لاحقا إلى مصدر تهديد وخوف، ويسلبها ما يزيد عن 50 مليون سنتيم.
بدايات القصة
تعود فصول الحكاية وفق المعلومات التي حصلت عليها جريدة العمق، إلى سنة 2022، عندما زارت مريم مدينة أكادير، وهناك التقت بـ”م.أ”، الذي قدم نفسه على أنه مهندس ناجح، يعيش حياة مستقرة، ويبحث عن شريكة العمر، مظهره الأنيق، وطريقة حديثه الراقية، جعلا مريم تصدق أن القدر منحها فرصة نادرة لبناء حياة مستقرة.
توطدت العلاقة بينهما سريعا، وبدأ الحديث عن الخطوبة والزواج، ثم ظهرت طلباته المالية متتالية تحت ذرائع إنسانية، مرة بسبب وفاة والدته، ومرة بسبب أزمة مالية مؤقتة، وأخرى بحجة شراء بيت الزوجية.. دون تردد، كانت مريم تسارع لمساعدته، حتى تجاوز مجموع التحويلات خمسين مليون سنتيم.
السقوط من الوهم
لكن كل شيء انهار حين بدأت تتكشف الحقيقة، قطعة بعد أخرى، فالرجل الذي أحبته لم يكن مهندسا، ولا يبلغ من العمر أربعين سنة كما صرح به لها، كما أن والدته ما تزال على قيد الحياة.
ليس هذا فقط، بل اتضح لها فيما بعد أن له سوابق في النصب على نساء أخريات بنفس الأسلوب، ما أكد لها أن الأمر ليس سوى نشاطا إجراميا يمارسه بوجوه متعددة.
تقول مريم: “كل شيء كان وهما، عشت قصة مختلقة بكل تفاصيلها، من اسمه المهني إلى مظهره وحتى مشاعره… كل شيء كان تمثيلا محترفا.”
من الوهم إلى التهديد
حين قررت مريم إنهاء هذه العلاقة وطلبت منه الابتعاد عنها، تحول الخطيب المفترض إلى شخص مخيف، إذ أرسل لها صوره وهو يحمل مسدسا وثلاث بنادق صيد، مرفوقة برسائل تهديد مباشرة بالقتل فقالت:”صرت أعيش رعبا حقيقيا، هذا الشخص لا يتورع عن إيذائي وقد يهاجمني في أية لحظة”.
أعمال الشعوذة والسحر
جانب مرعب آخر من القصة برز في رواية مريم، حينما أكدت أن المعني كان يمارس أعمال الشعوذة والسحر لتنويم ضحاياه والتأثير على إدراكهن، مشيرة إلى أن النساء اللائي تعامل معهن كن يشعرن كأنهن “منفصلات عن الواقع”، إلى أن يكتشفن حجم الفخ بعد فوات الأوان.
ضحايا كثر
ليست مريم وحدها من عانت من “متصيد النساء”، فحسب معطيات توصلت بها ، فإن سيدة أخرى سلبت منزلا تزيد قيمته عن 65 مليون سنتيم، بينما تعرض مغاربة من الجالية بالخارج للاحتيال من طرفه في صفقات عقارية مزيفة، بعدما أوهمهم بقدرته على تسهيل المساطر القانونية. كان يرتدي ملابس وساعات فاخرة، ويتقمص أدوارا مختلفة، مرة كمهندس، ومرة كرجل أمن، وأحيانا كقانوني، حتى يخفي حقيقته عن الأنظار.
هذا، ورغم كل الشهادات والمعطيات السالفة الذكر، إلا أن مريم أكدت المتهم لا يزال حرا طليقا، يتردد على الفنادق والمقاهي الراقية بأكادير، بحثا عن فريسته المقبلة، داعية إلى ضرورة توقيفه قبل أن يضيف اسما جديدا إلى قائمة ضحاياه الطويلة.
المصدر: العمق المغربي