أمد/ قال: أن ما لا يقتلك قد يقويك..لكن هناك احتمالات أخرى أخفوها عنك وهو أنه قد يعطبك تماماً أو يفتقك أو يسبب لك الناسور؛ ضحكنا من الإحباط، حتى الكلام زهق من نفسه، بدأت نبرة غضب مكتوم تسيطر على صوته ثم قال: عندما يحتفل طرفا الحرب بالانتصار، فإن جولة جديدة تنتظرهما أو هناك ‘طرف ثالث’ قد هُزم. فقلت له: بالصراحة يا أستاذ نحتاج الى عالم لا تفوق أحداثه قدرتنا على التعبير..!! صحيح أن التاريخ يكتبه الأقوياء والمنتصرون، لكن المنافقين والكذابين يكتبونه أحيانًا كذلك بل وغالبًا.
فقال: دي حكاية تانية…خلينا في البلوى اللي إحنا فيهإ
أوعى تكون فاهم إن إيران دخلت الحرب مع الصهاينة علشان غزة…ازعل منك قوي.! إيران لا كانت محور مقاومة ولا تهمها المقاومة ولا تشغلها غزة ولا تعنيها قضية فلسطين من الأساس، إيران أسّست جماعة هنا وحزب هناك، ودعمت موالسة الخراب وغيرهم، ليكونوا أدواتٍ ووسائلَ تناكف بها إسرائيل لا أكثر.
فكر الأستاذ قليلا ثم أضاف بصوت قوي: في حرب الإبادة على غزة، لم يترك الكيان المجرم جريمة إلا وارتكبها.هذه الحرب ستسجل أرقاما قياسية في كل شيء، بما في ذلك الرقم القياسي للخزي العربي والأعجمي المبين.. القصد هنا مفيش دولة في الشرق الأوسخ “المنكوب” لم تستغل قضية فلسطين لتحقيق مكاسب، سياسية أو اقتصادية أو حتى متاجرة بالشعارات. حتى القيادات في ثنائية الجحيم…أقصد موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية كانوا أول الرابحين من قضيتهم.. مع إنها ليست قضيتهم..!!
لو مش فاهم كده يبقى عندك مشكلة. سيبك من التبرير وسيبك من غياب المنطق وسيبك كمان من حالة الانفصال التام عن الواقع، أي تحليلات أو تفسيرات للمحرقة الكبرى، تتجاهل مسئولية موالسة الخراب، واتحاد ملاك القضية، ومنفذي مخطط الانقسام والخراب الصهيوني. أولًا هي تحليلات “فنكوشية” غبية ماتساويش بصلة؛ عليك ان تلتفت حولك لتعرف ان سبب الخذلان والمهانة يتحملها قبل الجميع ثنائية الجحيم، فموالسة الخراب واتحاد ملاك تحيزوا ضد الشعب من اجل مصالح قلة، ومصالح شخصية واجندات إقليمية، وعندما تزول حرمة الوطن، فأية حرمات تتبقى؟ اللي لافت نظري الناس دي عايشة وركبه الشعب عادي كده إزاي وليه!!
قلت له: اللهم لا اعتراض.. أنا واثق ومؤمن بإن المحور انتصر والموالسة انتصرت وإيران انتصرت، وأمريكا انتصرت، وترامب انتصر وقطر انتصرت و ثنائية الجحيم انتصرت والدنيا فرحانة والخليج مبسوط والحمد لله كله أخر رضا وعال العال. معنديش أي شك. بس هو ليه اللي بينتصر، كل قياداته بتموت..!! وقدراته بتتقلص، وتقريبا بيتلاشى، وطول الوقت عنده مشاكل وخلافات، وعمليا بينتهي؟ أومال لو انهزم، كان ممكن يحصل له إيه؟!
فأنا عايز اعرف، اللي انتصر. انتصر إزاي؟ أنا طبعا مصدق إنه انتصر، بس عايز اعرف.. أومال لو انهزم، كان هيعمل إيه؟ كان هيكمل لعب لغاية الأدوار النهائية بأي طريقة؟ هو مينفعش نقول إننا اتهزمنا، بس لعبنا كويس أو وحش، أو نقول اتهزمنا ليه، عشان نفوق ونعرف ننتصر المرة الجاية؟!
عارف ألمانيا واليابان اللي كانوا على الأرض بعد الحرب العالمية التانية، قاموا ووقفوا على رجليهم إزاي، وليه؟ مش بس مشروع مارشال ومساعدات الغرب لألمانيا واليابان هما اللي وقفوا المانيا واليابان على رجليهم، لأنهم كانوا ممكن ياخدوا فلوس بالهبل، ويضيعوها زي مبيحصل في دول كتير، وإحنا أسياد العارفين.. اللي خلاهم يقفوا على رجليهم بالدرجة الأولى، هو الاعتراف بالهزيمة. الاعتراف الواضح والصريح والمباشر، عشان يتخلصوا من الأوهام والمجازات والتعبيرات الثنائية وازدواجية التفكير وخلط الأمور. يعني الاعتراف، واستخدام “العقل” كانوا نقطة انطلاق للبعث من جديد.
المجازات لا تبني دولا ولا تصنع تاريخيا. إزدواجية التفكير لا تصنع عقلا ولا تبني أمه. الحنجلة والدوران حول المشاكل دون التعامل معها بشكل مباشر وواضح، لا يمكنهما حل أي مشكلة أو العثور على أي نقطة ضوء لا في نهاية النفق، ولا بعد نهاية النفق.
المجازات والإسقاطات والثنائيات والازدواجية أمراض قاتلة تعمي العقل قبل العين. هذه الأشياء يمكننا استخدامها في كتابة الأشعار والأغاني والأناشيد الوطنية أو حتى تدبيج البيانات السياسية الساخنة، لكن من المستحيل أن نبني بها إنسانا أو عقلا أو وطنا أو نصيغ بها مشروعا وطنيا.
الكلام زهق من نفسه.. يلا سلام.