ضجة يمكن أن تكون مفتعلة، وهي في التشبيه يمكن مقاربتها في الاية الكريمة ( ويل للمصلين ) والتي جاء التوضيح لمعناها موصول ب ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ). لذا فالقول بتازة قبل غزة، كان الانجراف اللفظي بلاغيا في تطابق أحرف تازة بغزة، وهو ما أعطى لهذا الشعار جماليته بكون تازة وغزة عنوان واحد للمقاومة، إذ تاريخيا يجزم القول بأن تازة كانت شعلة أضاءت تاريخ المقاومة الوطنية ضد المستعمر الفرنسي الذي كان من أقوى جيوش العالم لما يمتلكه من أحدث الأسلحة حينها والذي تكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات على يد المجاهدين والمجاهدات بتازة في معركة ( بين الصفوف ) وقد وثق المؤرخون عدد المقاتلين في 300 مقاتل تنتمي لجيش التحرير بدءا من سنة 1954 إلى غاية 28يناير 1956 .
وهذا العدد 300 نظرا لقوّته ورباطة جأشه وثقته كتب التاريخ بأوصاف بطولية تختصر العرق المغربي في كل شخص عندما يحمل شارة المواطنة والدفاع عن الثوابت، ولا يستبعد أنه كان ملهما للفيلم المعنون ب 300 الهوليودي و هو فيلم حربي ملحمي أمريكي صدر عام 2006 يستند إلى القصة المصورة بنفس الأسم 300 من قبل فرانك ميلر ولين فارلي. رواية الحروب الفارسية اليونانية وكلاهما رواية خيالية لمعركة ترموبيل ، أخرج الفيلم زاك سنايدر، كما هو معهود في هوليود أخذ الأفكار الجميلة والشجاعة والاستحواذ عليها كما استحوذ طوم كروز على شخصية الرجل المستحيل في سلسلة نبيل فاروق الروائي العبقري.
المهم، موضوع تازة وغزة هما توأمة لمفهوم بطولي يمكن الاستشهاد به في المحافل الدولية على أساس مفهوم المعجزة الحربية، وبالمقابل نحن المغاربة وبما أننا نرتبط برباطة روحية بالمؤسسة الملكية التي هي عنوان عريض للحفاظ على المقدسات الإسلامية والوحدة ، نجد أن ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس وهو رئيس بيت مال القدس الذي أنفق منذ بداية 2025 أكثر من 2.2 مليون دولار على المشاريع والإعانات داخل الأراضي الفلسطينية، ما يعني أن مغاربة صلاح الدين الأيوبي الذين هم مغاربة الارتباط بالمقدسات، هم نفسهم مغاربة 2025 الذين يأخذون على عاتقهم نصرة المظلومين في الأراضي الفلسطينية وفي شتى بقاع المعمور.
وتازة هل هي قبل غزة، نعم، لأن التنمية المحلية عندما تكون قائمة على كل المقومات التي تدفع بالمدن القوية أن تكون المعيل الرئيس للمحيط، وهذا الشعار جاء كتحدي لإعادة البناء وهيكلة مفهوم التنمية على أساس أنها سبيل للاستقرار المفضي إلى التميز الموجه للنتيجة الحتمية ألا وهي التقدم، وقد لا تكون تازة معنية بهذا الجدل، لكن الظرفية اللغوية جاءت لتضع تازة كاستعارة عن المدن المغربية قاطبة.
وهل غزة في قلب تازة، نعم، لأن التاريخ والحاضر ينصف المغرب والمغاربة على أنهم الأكثر ارتباطا بالأرض المقدسة، ولا يبخلون عن تقديم ما يمكنهم لإخوانهم في غزة، والتظاهرات الأخيرة التي صارت تجرف بالمدن المغربية، تعبر عن هذا التعلق القوي بغزة وفلسطين، ولا تجد هذه المظاهرات أي تضييق يمكن أن يمسها.
إن الجدل القائم حول تازة قبل غزة، رغم اختلاف نواياه، يجب قبره في مهده، لأن البعض قد يستغله لنوايا ليست مجمع عليها، وتخالف الإجماع المغربي ملكا وشعبا، لذا ( الفتنة نائمة لعن الله تعالى من أيقظها ).
وكلنا في حب تازة وكل تازة في قلب غزة.
المصدر: العمق المغربي