تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمقترح قانون جديد يهدف إلى إحداث هيئة مستقلة تحت اسم “هيئة قضايا الدولة”، كمؤسسة قانونية متخصصة تختص بتمثيل الدولة المغربية، بكل إداراتها العمومية وجماعاتها الترابية ومؤسساتها، في جميع المنازعات القضائية أمام المحاكم الوطنية والدولية، وتوحيد الدفاع القانوني للدولة تحت مظلة واحدة.
ويهدف هذا المقترح إلى ترسيخ الحكامة القانونية الجيدة داخل المرافق العمومية، وحمايتها من المخاطر القانونية، من خلال تقديم الاستشارات القانونية، الدفاع القضائي، ومتابعة تنفيذ الأحكام، إضافة إلى الوقاية من المخاطر القانونية عبر دراسة العقود والنصوص التشريعية.
ويأتي هذا المشروع، الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، كخطوة جديدة لتعزيز استقلالية تمثيل الدولة قانونيا، وتوحيد الواجهة القضائية للدولة، عبر مؤسسة قانونية مركزية لها الصلاحيات الواسعة والمستقلة.
وينص مشروع القانون على تنظيم شامل لهذه الهيئة، بدءا من تكوينها وأعضائها، ووصولا إلى تحديد مهامهم وصلاحياتهم، علاوة على وضع آليات إدارية وقانونية لضمان حسن سير العمل داخل الهيئة، بما يشمل نظاما تأديبيا واضحا لأعضائها، وإطارا تنظيميا دقيقا يضبط علاقة الهيئة مع باقي الإدارات العمومية.
ومن أبرز ما جاء في المشروع، هو التمييز الواضح في درجات المستشارين المقررون الذين يشكلون الركيزة الأساسية للهيئة، حيث يحدد القانون أربع درجات مختلفة للمستشارين المقررون، لكل منها شروط توظيف وترقية محددة، ما يتيح بناء هيكل وظيفي واضح ومتين يضمن جودة الأداء والاستمرارية.
ويتمتع أعضاء الهيئة بصلاحيات واسعة في مجال الدفاع عن الدولة، حيث ينص القانون على أن الهيئة هي الجهة الوحيدة المخولة بتمثيل الدولة وأجهزتها أمام المحاكم والهيئات القضائية، بما يشمل التفاوض والتسوية والتصالح، وهو أمر جديد يهدف إلى توحيد الموقف القانوني وتفادي التشتت في المرافعات القضائية التي قد تؤثر على مصالح الدولة.
كما يحدد القانون إجراءات صارمة لإيداع الملفات والتعامل معها، مع إلزام الإدارات العمومية بتزويد الهيئة بكل ما يتعلق بالقضايا المرفوعة ضد الدولة، وفرض ضرورة إشعار الهيئة في كل دعوى أو إجراء قضائي يخص الدولة، مما يعزز من مركزية المعلومات وتوحيد الدفاع القانوني.
من جهة أخرى، يولي المقترح أهمية كبيرة للنظام التأديبي الخاص بأعضاء الهيئة، حيث يحدد القانون عقوبات تأديبية متعددة تختلف في درجتها من إنذار وتوبيخ إلى العزل، مع ضمان حق العضو في الدفاع عن نفسه عبر إجراءات قانونية واضحة تضمن الشفافية والعدالة، كما ينص على تشكيل مجلس خاص لمتابعة الشؤون التأديبية والإدارية، ما يعكس حرص المشروع على تأطير الأداء داخل الهيئة وفق أعلى المعايير.
في جانب التنظيم الإداري، يشمل القانون إحداث مجلس لهيئة قضايا الدولة، يضم الرئيس الأول للهيئة ونوابا عن المستشارين والكاتب العام، يتولى الإشراف على شؤون الهيئة وتنظيم عملها، كما يشير إلى إنشاء لجنة تفتيش فنية مهمتها مراقبة جودة العمل والرفع بتقارير دورية، مما يضمن متابعة مستمرة لأداء الهيئة وتطويره.
ويضم المشروع أيضا مقتضيات انتقالية تسمح بتوظيف وتعيين مستشارين مقررين خلال فترة ثلاث سنوات من صدور القانون، مع تخفيف لبعض الشروط المطلوبة عادة، وذلك لتسريع بناء هذه الهيئة وضمان استقرارها وفعالية عملها في مرحلة الانطلاق.
وبحسب الفريق الاشتراكي، يعكس هذا المقترح توجها استراتيجيا لتعزيز الوحدة القانونية للدولة، وتقوية دفاعها أمام القضاء، وحماية المال العام والعاملين بالقطاع العمومي، من خلال مؤسسة متخصصة ومستقلة تملك صلاحيات واسعة، وتعمل وفق نظام داخلي دقيق ينظم مهامها ومسؤولياتها بدقة، مما يجعلها ركيزة أساسية في منظومة الإدارة القضائية الحديثة بالمغرب.
المصدر: العمق المغربي