“بمجرد خروجنا من المطار، بدأت مظاهر الرقابة والضغط، بدا الأمر إرهابًا نفسيًا ناعمًا. استقللنا سيارة أجرة، لنكتشف أن سائقي الأجرة هناك هم وسيلة استخباراتية تابعة للنظام المصري، تحدثوا إلينا حديثًا بدا عفويًا لكنه لم يكن سوى محاولة لاستدراجنا وكشف مواقفنا السياسية”.
هكذا تحدث منسق مسيرة الأحرار إلى غزة، إدريس عزيز، في تصريح لجريدة ، عن رقابة النظام المصري الشديدة الممارسة عليهم، بعد وصولهم للقاهرة تمهيدًا لبدء المسيرة في اتجاه معبر رفح.
ففي 9 يونيو 2025، انطلقت “مسيرة الأحرار إلى غزة” من تونس عبر قوافل باتجاه القاهرة، بمشاركة نشطاء من 54 دولة، بهدف الاعتصام أمام معبر رفح وكسر الحصار المفروض على القطاع، وكان من المقرر أن تبدأ المسيرة رسميًا في 12 يونيو، إلا أن السلطات المصرية تدخلت منذ لحظة وصول المشاركين إلى المطار.
وأضاف عزيز: “كان السائق يتحدث عن معاناته من رقابة النظام المصري واستبداده، جميع الركاب التزموا الصمت، إلا أنا، كنت أتجاوب قليلاً، فقط بالتأكيد أو الرفض”.
ويضيف عزيز أن الرقابة لم تتوقف عند المطار، بل امتدت إلى مقرات الإقامة، قائلاً: “في الفندق، كنا نشعر أننا مراقبون، بداية بحامل الأمتعة، الذي كان يسألنا عن كل شيء، الأمر كان أشبه تحقيقًا، بمجرد أن أجري مكالمة مع أحد ما، أجد قربي شخصًا مجهولًا يحاول استراق السمع”.
وبسبب هذا الجو المشحون، أكد عزيز أن المنسقين اتخذوا احتياطات استباقية، خصوصًا فيما يتعلق بحقائبهم التي تحتوي على قمصان تحمل شعارات المسيرة، قائلاً: “قمنا بتصوير وضعية تلك الحقائب قبل مغادرة الغرفة لمقارنتها بعد العودة، خوفًا من تفتيشها”.
وأكد المتحدث أنه قرر تغيير الفندق جراء تصاعد الرقابة، موضحًا: “قرار تغيير الفندق هو الذي أنقذنا من الاعتقال، لقد اكتشفنا فيما بعد أن جميع العاملين في الفندق السابق تم استنطاقهم للإدلاء بمعلومات عنا”.
وأضاف عزيز أن “السلطات المصرية كانت نيتها الربح من المشاركين في المسيرة، دون أن تدعهم يقومون بها، لذلك كان تعامل السلطات براغماتيًا، وهو الأمر الذي يفسر سماحهم لنا بالمرور في نقاط التفتيش في المطار”.
كما أشار المتحدث إلى أن السلطات المصرية اتهمت بعض المشاركين بالانتماء لتنظيمات كجماعة الإخوان المسلمين، قائلاً: “لقد جرى التحقيق مع البعض للتأكد من ذلك، إضافة إلى تهم مثل الرغبة في زرع الفتنة والتحريض ضد النظام، وهذا ما نهجه أيضًا الإعلام المصري”.
وأضاف المصدر ذاته أن هذه الاتهامات جاءت “رغم اختيارنا عدم إشراك المصريين في المسيرة، رغم رغبتهم في ذلك، لتجنب المساس بأمن واستقرار الدولة المصرية. نحن كمنسقين كنا نتوقع جميع السيناريوهات، بما فيها فشل المسيرة، لكننا لم نكن نتوقع أن رد السلطات المصرية سيكون بهذا الشكل الكبير”.
وتابع عزيز: “السلطات المصرية اعتمدت استراتيجية خلط الأوراق، حيث كانت تروج أخبارًا عن نية المنظمين تنظيم مسيرة رمزية أمام الأهرامات، وأخرى عن الاتجاه إلى الإسماعيلية لإجراء اجتماع، وهكذا حرصت السلطات المصرية على التشويش على الأخبار الصادرة عن المنظمين، وتغليطها”.
وتابع: “إيماننا بنجاح المسيرة كان قد تعزز بعد قدوم مشاركين أوروبيين، ما رأينا فيه ورقة ضغط للسماح لنا بالعبور إلى معبر رفح، لكن في النهاية وردتنا أنباء عن أن الأمر بإلغاء المسيرة قد صدر من السلطة العليا في البلد”.
المصدر: العمق المغربي