بعد تجربة متواضعة تزيد عن عقدين من الزمن في مجال التدريس بالقطاع الخاص و العام ارتأيت الوقوف عند واقع التعليم الابتدائي في المغرب وتحليل التحديات التي تواجهه، والتي لا يمكن اختزالها في جوانب تقنية فقط، بل يجب الاعتراف بأن المشكل بنيوي وعميق، يتطلب وقفة جادة لإعادة النظر في الأسس التي يقوم عليها النظام التعليمي.

و لعل أحد أبرز التحديات التي تواجه التعليم الابتدائي في المغرب هو الكم الهائل من الدروس التي يتم تقديمها في جميع المستويات. هذه الدروس غالبًا ما تكون مكتظة بالمعلومات النظرية التي لا تتلاءم مع المهارات الأساسية التي يجب أن يكتسبها المتعلم.

فبدلًا من التركيز على تطوير مهارات القراءة والكتابة والحساب، يتم إغراق التلاميذ بكم كبير من المعلومات التي يصعب عليهم استيعابها، مما يؤدي إلى تراكم معرفي دون تحقيق الفائدة المرجوة مما يؤدي كذلك لهز ثقة المتعلم في نفسه و تزداد هوة إمكانية عدم مسايرة جماعة الفصل بنفس السرعة التي تقل إلى أن تخبو خصوصا في غياب التعزيز و التشجيع و المواكبة .

إن فكرة أن يصل المتعلم إلى الكفايات الأساسية بعد سنتين من الدراسة خير من أن يراكم معارف نظرية دون أن يمتلك المهارات اللازمة للتعامل معها. ومع ذلك، نجد أن العديد من التلاميذ يصلون إلى السنة السادسة ابتدائي دون أن يتقنوا لا لغتهم الأم و لا اللغة الأجنبية الثانية كتابةً وقواعدًا وقراءةً. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول جدوى المناهج الحالية ومدى ملاءمتها لاحتياجات المتعلمين.

و إلى جانب التحديات المرتبطة بالمناهج، يعاني التعليم الابتدائي في المغرب من ضعف البنية التحتية والتجهيزات المدرسية. العديد من المدارس تفتقر إلى الفصول الدراسية المناسبة خصوصا في البوادي أو نقول كلما ابتعدنا عن المركز، بل و إن وجدت فإنها تفتقر كذلك حتى للمرافق الصحية الأساسية دون مراعاة الخصوصية من حيث النوع و الذي يعتبر عاملا أساسيا كذلك في الهدر المدرسي. هذا الوضع يؤثر سلبًا على جودة التعليم ويحد من قدرة المتعلمين على استيعاب الدروس و غير محفز للتلاميذ.

و من أجل تحقيق جودة حقيقية في التعليم الابتدائي بدل محاولات الإصلاح و إصلاح الإصلاح، يجب أن يكون الإصلاح جذريًا وشاملًا.و هذا يتطلب:

إعادة النظر في المناهج الدراسية من خلال التركيز على المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب، وتقليل الكم الهائل من المعلومات النظرية التي يتم تقديمها للتلاميذ.
تحسين البنية التحتية: توفير الفصول الدراسية المناسبة والتجهيزات اللازمة لخلق بيئة تعليمية محفزة و منافسة للقطاع الخاص لإراحة كاهل بعض الأسر التي تقدم نصف ميزانيتها لتعليم أبنائها في حين يمكن أن يستفيدو من جودة أحسن من القطاع الخاص نظرا لما توليه الدولة من اهتمام بالتكوين الذي يجب أن يصاحبه ما أسلفنا ذكره من قبل،و سنخصص المقال الثاني للمشاكل و التحديات التي يعاني منها التعليم الثانوي الإعدادي قبل أن نصل للجامعي مرورا بالثانوي التأهيلي.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.