استهدفت إسرائيل، الاثنين، موقع فوردو النووي الإيراني المحصن في عمق جبل في جنوب طهران، وفق الإعلام المحلي الإيراني؛ فيما أكدت الدولة العبرية استهداف مقر قيادة للحرس الثوري وسجن إيفين وتكثيف الضربات على العاصمة، في اليوم الحادي عشر للحرب.
ويأتي ذلك غداة ضربات أمريكية استهدفت منشأة فوردو المحفورة في جبل، مع منشأتين نوويتين أخريين، توعدت إيران بأن عواقبها ستكون “وخيمة”.
ومع دخول الحرب بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية يومها الحادي عشر، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش يضرب “بقوة غير مسبوقة” أهدافا تابعة للنظام في وسط العاصمة الإيرانية.
وقال كاتس، في بيان، إن “الجيش يضرب بقوة غير مسبوقة أهدافا تابعة للنظام والأجهزة الحكومية القمعية في قلب طهران”.
وأكد كاتس أن من بين الأهداف “سجن إيوين… ومقرات الأمن الداخلي للحرس الثوري”.
وقال إيفي ديفرين، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان متلفز، إن الطائرات الإسرائيلية “تكثف الضربات في منطقة طهران، مستهدفة مقر قيادة الحرس الثوري”.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه ينفذ ضربات على مواقع عسكرية في كرمنشاه في غرب إيران، وعلى “أهداف عسكرية” في طهران حيث أفاد مراسلو وكالة فرانس برس عن سماع دوي انفجارات قوية.
وأعلنت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية استهداف منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي موقع محصن تحت الأرض على عمق يقارب 90 مترا، على بعد 180 كيلومترا جنوب العاصمة الإيرانية.
ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم هيئة إدارة الأزمات في محافظة قم قوله “هاجم المعتدي موقع فوردو النووي مجددا”.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعل، فجر الأحد، أن قاذفات صواريخ أمريكية ضربت ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، هي فوردو وأصفهان ونطنز، بعد عشرة أيام على بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على إيران.
وتوعد إبراهيم ذو الفقاري، المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، الاثنين، بـ”عواقب وخيمة” ردا على هذه الضربات.
وأكد ذو الفقاري، في فيديو بثه التلفزيون الرسمي، أن “هذا العمل العدواني… سيوسع نطاق الأهداف المشروعة للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وسيفتح الطريق لتوسيع الحرب في المنطقة”، مضيفا أن “مقاتلي الإسلام سيلحقون بكم عواقب وخيمة لا يمكن توقعها بعمليات قوية وهادفة”.
وأفاد الهلال الأحمر الإيراني بأن غارة إسرائيلية أصابت موقعا قرب مبناه في شمال طهران. وأرفق منشورا عبر تلغرام بمقطع فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع الهجوم.
في إسرائيل، دوت صافرات الإنذار في مناطق عديدة في الشمال بعد إعلان الجيش انطلاق دفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية، في ثالث هجوم على الأقل في أقل من ساعتين.
كذلك، دوت انفجارات في القدس، وفق ما أفاد صحافيون في فرانس برس، بعدما دعا الجيش السكان إلى التوجه إلى الملاجئ.
تقييم الأضرار
على المستوى الدبلوماسي، يلتقي عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الاثنين.
وكان عراقجي أكد، الأحد، أن الولايات المتحدة وإسرائيل “تجاوزتا خطا أحمر كبيرا”.
وأدانت دول عربية عديدة الضربات الأمريكية؛ بينما شكر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الرئيس دونالد ترامب على تدخله العسكري، وقال إن الهجوم “الجريء” على مواقع نووية إيرانية استراتيجية يمثل “منعطفا تاريخيا” من شأنه إرساء السلام في الشرق الأوسط.
وأكد ترامب، الأحد، أن ضررا هائلا لحق بجميع المواقع النووية في إيران، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية”، مضيفا أن “التدمير مصطلح دقيق”.
غير أن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قالوا إنهم يسعون إلى تقييم الأضرار، بينما يُعرب خبراء عن اعتقادهم بأنه تم نقل المواد النووية قبل الهجوم.
وشدد رفايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أنه من غير الممكن تقييم الأضرار في الوقت الحالي.
وطالب غروسي، الاثنين، بالوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية للكشف على مخزون اليورانيوم العالي التخصيب.
وفي افتتاح اجتماع طارئ في المقر الرئيسي للوكلة في فيينا، قال: “يجب السماح للمفتشين بالعودة (إلى المنشآت النووية) والكشف على مخزون اليورانيوم، خصوصا… المخصب بنسبة 60 في المائة”.
وأضاف أن طهران أبلغته، في رسالة مؤرخة في 13 يونيو الجاري، بأنها اتخذت “تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية”.
وكان علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أكد، في منشور على منصة إكس، أن إيران لا تزال تملك مخزونات من اليورانيوم المخصب.
وفي ما يتعلق بمنشأة فوردو، أظهر تحليل أجرته وكالة فرانس برس لصور الأقمار الصناعية باستخدام بيانات من شركة “بلانيت لابس بي بي سي” (Planet Labs PBC) الأمريكية، أن الأرض في المكان تأثرت بالضربات، بينما تغير لون الجبل عما كان عليه قبل الضربة.
وتخصب إيران اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولصنع قنبلة ذرية، يستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المائة. وقد حدد اتفاق عام 2015 حد التخصيب لغيران عند 3,67 في المائة.
وبدأت إسرائيل هجومها على إيران في 13 يونيو، بهدف معلن هو منعها من تطوير قنبلة ذرية، وضربت مئات المواقع العسكرية والمواقع المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني منذ بداية الحرب. وقتلت قياديين عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين.
وتنفي إيران أن تكون تسعى إلى تصنيع قنبلة ذرية.
وردت إيران بإطلاق وابل من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، التي اعترضت أنظمة الدفاع الإسرائيلية معظمها؛ فيما سقط عدد منها في مناطق إسرائيلية وأحدث تدميرا واسعا.
وخلفت الحرب أكثر من 400 قتيل و3056 جريحا في إيران، معظمهم من المدنيين، وفقا للأرقام الرسمية. وأسفرت الضربات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل عن مقتل 25 شخصا، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
تغيير نظام؟
في منشور على منصته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي، ألمح ترامب، في وقت متأخر الأحد، إلى فرضية تغيير النظام في إيران، رغم تأكيد عدد من مسؤولي إدارته أن الضربات الأمريكية لا تهدف إلى ذلك.
وقال ترامب: “ليس من الصوابية السياسية استخدام مصطلح “تغيير النظام”؛ ولكن إذا كان النظام الإيراني الحالي عاجزا عن جعل إيران عظيمة مجددا، فلمَ لا يكون هناك تغيير للنظام؟”.
وأعلن علي أكبر ولايتي، وهو مستشار آخر للمرشد الإيراني، أن الولايات المتحدة “لم يعد لها مكان” في الشرق الأوسط، مؤكدا أن القواعد التي استخدمتها القوات الأمريكية لشن هجماتها على إيران “سيتم اعتبارها أهدافا مشروعة”.
وفي ظل المخاوف من عمليات انتقامية، دعت الولايات المتحدة مواطنيها في مختلف أنحاء العالم إلى أن يكونوا “أكثر يقظة”.
ويتخوف محللون من أن ترد إيران على هجوم واشنطن بإغلاق مضيق هرمز الذي يعد ممرا مائيا حيويا يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي، معظمه يتجه الى الأسواق الآسيوية.
ودعت الصين المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود لمنع النزاع بين إسرائيل وإيران من التأثير على الاقتصاد العالمي، مشددة على أهمية مضيق هرمز والمياه المحيطة به بالنسبة للتجارة العالمية.
وكان ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، حضّ بكين، الأحد، على المساعدة في ردع طهران عن إغلاق المضيق.
كذلك، دعت الصين “أطراف النزاع إلى منع تصعيد الوضع بشكل متكرر والسعي بشكل حازم إلى تجنب اتساع رقعة الحرب والعودة إلى مسار الحل السياسي”.
وحذرت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من أن إغلاق إيران مضيق هرمز “سيكون خطيرا للغاية”، مذكرة بأن الاتحاد الأوروبي يدعو إلى حل دبلوماسي وخفض التصعيد.
المصدر: هسبريس