أكدت محكمة الجنايات الخاصة بباريس، يوم السبت 21 يونيو 2025، في حكم استئنافي، إدانة المواطن الفرنسيالمغربي محمد الأمين أبيروز بالسجن المؤبد، مع فترة أمان مدتها 22 عاما، لتورّطه جريمة اغتيال زوجين من رجال الشرطة داخل منزلهما في “ماجنانفيل” (إقليم إيفلين)، بتاريخ 13 يونيو 2016.
ووفقا لما نقلته الصحافة الفرنسية، فقد أدانت المحكمة، برئاسة القاضية فريديريك ألين، المتهم أبيروز (31 عاما) بجميع التهم المنسوبة إليه، وهي: التواطؤ في اغتيال موظف يمثل السلطة العامة، والتواطؤ في احتجاز قاصر دون سن الخامسة عشرة، والانتماء إلى منظمة إجرامية ذات طابع إرهابي.
وخلال تلاوة الحكم، بدا على أبيروز التأثر الشديد، إذ سقط على مقعده داخل قفص الاتهام. وكشف محامياه، فنسان برينغار ونيينو أرنو، لوكالة فرانس برس، عن نيتهما التقدّم بطعن في الحكم أمام محكمة النقض.
وقال المحاميان في تعليقهما: “لم يكن هناك في الواقع أي هامش للمناورة. ففي قضايا مكافحة الإرهاب، الشك يفسر لصالح الاتهام لا المتهم. لقد قررت الهيئة القضائية فرض وجود شخص ثانٍ في عمل فردي”.
وطوال أطوار المحاكمة، تمسك محمد الأمين أبيروز ببراءته، مؤكدا أنه “لا يتحمل أي مسؤولية” عن الجريمة، وأن المتطرف العروسي أبالة هو من تصرّف بمفرده. وقال أمام المحكمة، مخاطبا أفراد عائلتي الضحيتين: “الذي نفّذ العملية هو العروسي أبالة، ولم يستشرني. نادم على صداقته، وعلى أنني سمحت لنفسي بأن يخدعني”. وجدد إدانته “القاطعة والمطلقة” للهجوم.
في المقابل، شددت المدعية العامة، نعيمة رودلوف، على أن أبيروز، المعروف بتشدده الديني وسوابقه في قضايا مرتبطة بجماعات جهادية، “كان حاضرا في مسرح الجريمة” ليلة 13 يونيو 2016، بشكل لا يدع مجالا للشك. ووصفت المدعية أبيروز بأنه “عضو كامل العضوية في تنظيم الدولة الإسلامية”، مؤكدة أنه “تصرف بصفته جهاديا”، وأن “تنصله” من التهم لا يصمد أمام معطيات الملف.
وأوضحت أن تسلسل الأحداث يثبت ضرورة وجود شخص ثان للمشاركة في الجريمة، متسائلة: “هل من الممكن أن يهاجم رجل واحد شرطيين مسلحين في وضح النهار؟ أو أن يتمكن بمفرده من التعامل مع ردود فعل طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وهي ردود يصعب التنبؤ بها؟”. وأشارت إلى أن وجود شريك داخل المنزل كان ضروريا لإبلاغ العروسي أبالة بوصول الشرطي جان بابتيست سالفانغ.
ويعد أثر الحمض النووي (DNA) الذي عُثر عليه على مسند المعصم الأيمن لجهاز الكمبيوتر الشخصي للزوجين، العنصر الحاسم في إدانة أبيروز. بينما تؤكد النيابة أن الأثر يمثل “حمضا نوويا مباشرا”، يتمسّك الدفاع بفرضية “الانتقال غير المباشر” للحمض النووي، الذي قد يكون نقله القاتل إلى مسرح الجريمة.
ورغم رفض الخبراء الحسم بين الفرضيتين، مشيرين إلى أن “الحمض النووي ليس دليلا قاطعا، بل جزء من اللغز”، فقد اعتبر قضاة المحكمة أن “فرضية الانتقال الثانوي لا يمكن اعتمادها”، مؤكدين أن الحمض النووي لأبيروز وجد بشكل مباشر في مكان الجريمة، وهو ما دعم موقف الادعاء وأدى إلى تثبيت الحكم.
المصدر: العمق المغربي