شهدت الدورة العادية لمجلس مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، المنعقدة اليوم الخميس، أجواء مشحونة واحتجاجات قوية من أعضاء المجلس وعدد من التجار، بسبب إدراج ملفات الأسواق المتضررة من الهدم ضمن جدول الأعمال، دون مقاربة شمولية واضحة.
وأثار الأعضاء انتقادات لما وصفوه بـ”الانتقائية” في استهداف الأسواق، معتبرين أن القرار طال أكثر من ثمانية أسواق، بينها “دالاس” و”صالصة”، دون تعويضات أو بدائل. ورفع التجار شعارات تندد بـ”الهدم دون خطة”، و”تشريد العائلات”، مطالبين بتعويضات عادلة وحلول ملموسة.
وفي هذا السياق، قال لحسن لبكوري، عضو مجلس المقاطعة، إن منطقة الحي الحسني تعيش حالة من الغليان الاجتماعي بسبب قرارات الهدم، مؤكدا أن “المجلس ظل دائما داعما للمشاريع التنموية، لكن استهداف بعض الأسواق دون غيرها يكرس سياسة انتقائية تضر بمصالح المواطنين”.
وأشار لبكوري إلى أنه تم توجيه مراسلة سابقة لإدراج لجنة موضوعاتية خاصة بسوق “صورصا”، مبرزا أن “اليوم بات التجار خارج السوق بلا بدائل، في وقت تسير فيه الدولة نحو تقنين أنشطة الاقتصاد غير المهيكل”.
وأضاف المتحدث أن “هناك تجارا ميسورين قد يستطيعون التعافي، لكن الفئات الهشة تضررت بشدة، وتعرضت لخسائر تمس قدرتها على العيش الكريم”، داعيا إلى التفاعل الإنساني مع هذه الوضعية، انسجاما مع المفهوم الجديد للسلطة الذي أرساه الملك محمد السادس، منددا بما وصفه بـ”زواج السلطة بالجرافات”، داعيا إلى تنسيق فعلي بين السلطة المحلية والمنتخبة، “خدمة للمواطنين وحماية للموظفين النزهاء من الضغوط”.
من جانبه، اعتبر حميد أوشعيب، عضو المجلس ذاته، أن المقاطعة تقدمت بعدة ملتمسات للسلطات دون جدوى، مشددا على أن “ساكنة الحي الحسني باتت تعاني في معيشتها اليومية بسبب عمليات الهدم المتكررة”، مؤكدا أن “السلع تم تدميرها دون تعويض، وأن عددا من التجار فقدوا استثمارات بملايين الدراهم، في غياب رؤية واضحة أو بدائل حقيقية”، معتبرا أن إدراج هذه النقاط في جدول أعمال الدورة “لا يعدو أن يكون محاولة لاحتواء غضب الشارع”.
وختم بالقول: “لا يجب تحويل معاناة السكان والتجار إلى ورقة انتخابية أو موضوع للمزايدات السياسية، فالأزمة حقيقية وتتطلب حلولا عاجلة تحفظ كرامة المتضررين وتعيد الاعتبار إلى المفهوم الحقيقي للديمقراطية”.
وبالمقابل، أعرب رشيد طيان، عضو مجلس مقاطعة الحي الحسني، عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة التي باتت تعيشها ساكنة المنطقة، وذلك نتيجة القرارات التي اتخذتها السلطات بهدم الأسواق المحلية التي كانت تشكل شريانا اقتصاديا أساسيا لآلاف المواطنين.
وفي مداخلة أثناء إحدى جلسات المجلس، شدد طيان على أن “الساكنة اليوم لم تعد فقط مهددة بفقدان مصدر دخلها، بل بات شبح الجوع يلوح في الأفق، بعد أن تم القضاء على جميع الأسواق التي كانت تؤمن لقمة العيش لعدد كبير من الأسر”، مشيرا إلى أن هذه الخطوات تمت دون تقديم بدائل حقيقية أو رؤية واضحة لمعالجة التداعيات الخطيرة الناتجة عنها.
وأضاف طيان، في نقطة نظام حاول البعض مقاطعته خلالها، أن “المنطقة أصبحت مهددة بتحويل ما تبقى من فضاءات تجارية إلى مجرد أسواق أسبوعية داخل المجال الحضري، وهو ما يُعدّ تراجعاً خطيراً في مستوى الخدمات والبنية الاقتصادية للمنطقة”، معتبرا أن هذا التوجه يعكس غياب تصور تنموي حقيقي يعكس احتياجات المواطنين، معبراً عن رفضه القاطع لما وصفه بـ”بيع الأوهام للساكنة تحت غطاء مشاريع غير واقعية”.
وأوضح المتحدث أن “ربط قرارات الهدم بتحضيرات مزعومة لاحتضان المونديال ليس سوى مبرر ظاهري يخفي أسباباً أخرى، لعل أبرزها الرغبة في تفريغ المنطقة من أسواقها الشعبية وإعادة توجيهها لمصالح لا تصب في صالح المواطن البسيط”، مبرزا أن هذه السياسات تُفاقم معاناة المواطنين الذين باتوا يعانون من غلاء المعيشة وندرة فرص الشغل، مشدداً على ضرورة نهج مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الساكنة أولا وأخيرا.
وطالب طيان، في ختام مداخلته، بفتح نقاش جاد ومسؤول حول مستقبل التهيئة الاقتصادية للمنطقة، داعيا إلى وقف القرارات الارتجالية والاعتماد على خطط بديلة توفر أسواقاً نموذجية تضمن كرامة التاجر وتُراعي حاجيات الساكنة في آنٍ واحد.
المصدر: العمق المغربي