أفادت قناة عبرية، مساء الإثنين، بأن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي أجرى مباحثات مع قادة من اليهود الحريديم، في محاولة للحيلولة دون حل الكنيست (البرلمان) وإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو.
وكان حزب “شاس” الديني الإسرائيلي قد أعلن، في وقت سابق من اليوم نفسه، عزمه التصويت، يوم الأربعاء المقبل، لصالح مشروع قانون “حل الكنيست” المقرر طرحه للتصويت عليه في قراءة تمهيدية.
وقال آشر ميدينا، المتحدث باسم حزب “شاس” الحريدي، في تصريحات صحافية: “في هذه المرحلة، سنصوّت يوم الأربعاء على حل الكنيست. نشعر بخيبة أمل تجاه نتنياهو”.
ويمتلك حزب “شاس”، المشارك في الائتلاف الحكومي، 11 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، فيما يضم الائتلاف الحكومي الحالي 68 مقعداً، ويحتاج إلى 61 مقعداً على الأقل للبقاء في الحكم.
ويأتي هذا التوجه على خلفية عدم وفاء نتنياهو بوعوده السابقة للحريديم، التي قطعها قبيل تشكيل الحكومة أواخر عام 2022، بإقرار قانون يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية.
وكانت أحزاب معارضة، من بينها “هناك مستقبل” برئاسة يائير لبيد، و”إسرائيل بيتنا” بقيادة وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، قد أعلنت الأربعاء الماضي عزمها تقديم مشاريع قوانين لحل الكنيست خلال الأسبوع الجاري.
وتشكلت الحكومة الإسرائيلية الحالية أواخر 2022، ومن المفترض أن تستمر ولايتها حتى نهاية 2026، ما لم تُجرَ انتخابات مبكرة.
وأشارت القناة العبرية الخاصة “13” إلى ما وصفته بـ”تدخّل أمريكي في الساحة السياسية الإسرائيلية”، في ظل الاستعدادات للتصويت على حل الكنيست.
وأضافت أن السفير هاكابي “أجرى في الأيام الأخيرة محادثات مع قادة بارزين من الحريديم، في محاولة لإقناعهم بأن الوقت الحالي غير مناسب للذهاب إلى انتخابات”.
ونقلت القناة عن مصادر سياسية، لم تسمّها، أن السفير الأمريكي أبلغ القادة الحريديم بأن “استقرار الحكومة ضروري لمواجهة إيران”.
وخلال محادثاته مع القادة الحريديم، شدّد هاكابي على أهمية الحفاظ على استقرار الحكومة الإسرائيلية، واعتبر أن “إجراء انتخابات في هذه المرحلة يُعدّ خطأً”، بحسب نفس المصدر.
ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا التحرك جاء بتوجيه مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمنع إجراء انتخابات في إسرائيل، أم أنه مبادرة شخصية من السفير نفسه.
وأوردت وسائل إعلام عبرية خاصة أن الملف الإيراني كان محور الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ترامب ونتنياهو، في وقت سابق الاثنين، في ظل التوقعات برفض طهران المقترح الأمريكي بشأن الاتفاق النووي.
كما كشفت القناة عن محادثة جرت بين السفير الأمريكي والحاخام موشيه هلل هيرش، أحد كبار المرجعيات الدينية في التيار الحريدي.
وخلال المحادثة، التي جرت باللغة الإنكليزية، قال السفير إن “الذهاب إلى انتخابات الآن، في ظل تصاعد التوتر في الملف الإيراني والتهديدات القادمة من اليمن، سيُعقّد تقديم واشنطن للدعم المطلوب لإسرائيل”.
وأضاف السفير أنه امتنع عن تقديم توصيات مباشرة بشأن التصويت، لكن رسالته كانت واضحة: “في واشنطن، سيجدون صعوبة في دعم إسرائيل خلال فترة الانتخابات”.
وأشارت القناة إلى أن “محيط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على علم بتحركات السفير هاكابي، بل ويُعرب عن الرضا عنها”.
من جهته، رد مكتب السفير الأمريكي على طلب للتعليق من القناة قائلاً: “السفير اجتمع مع مجموعة واسعة من الجهات الإسرائيلية، ومحتوى المحادثات يبقى سرياً”.
وتتهم المعارضة الإسرائيلية نتنياهو بالسعي لتمرير قانون يعفي الحريديم من التجنيد الإجباري، تلبية لمطالب حزبي “شاس” و”يهدوت هتوراه”، بهدف الحفاظ على استقرار حكومته.
في المقابل، دعا عدد من الحاخامات في الأحزاب الحريدية إلى الانسحاب من الحكومة، احتجاجاً على الجمود في تشريع قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية. كما أفادت صحيفتا “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” بأن أحد الحاخامات أصدر تعليمات لأحد الأحزاب بدعم مشروع حل الكنيست للأسباب ذاتها.
وتتواصل احتجاجات الحريديم ضد الخدمة في الجيش الإسرائيلي، على خلفية قرار المحكمة العليا، الصادر في 25 يونيو/ حزيران 2024، الذي أقر بإلزامهم بالتجنيد ومنع تقديم الدعم المالي للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.
ويُعتبر كبار الحاخامات المرجعية العليا للحريديم، وتُعد تصريحاتهم بمثابة فتاوى دينية، إذ يدعون إلى رفض أوامر التجنيد، بل وحتى “تمزيقها”.
ويشكّل الحريديم نحو 13% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، معتبرين أن الاندماج في المجتمع العلماني يُهدد هويتهم الدينية وبقاء مجتمعهم.
وعلى مدى عقود، تمكن الحريديم من تفادي الخدمة عند بلوغهم سن 18، من خلال الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المعاهد الدينية، إلى أن يبلغوا سن الإعفاء من التجنيد، والذي يبلغ حالياً 26 عاماً.