خلص تقرير نشرته مجلة “جون أفريك” إلى أن الأنظار تتجه حالياً نحو جنوب إفريقيا، باعتبارها آخر معقل صلب لداعمي جبهة البوليساريو في القارة الإفريقية، في أعقاب القرار البريطاني الداعم صراحةً لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.
ووفق التقرير، فإن السؤال المطروح اليوم لم يعد حول إذا ما كانت بريتوريا ستغيّر موقفها، بل متى، خصوصا وأن جزءا من الطبقة السياسية الجنوب إفريقية بات منفتحا على هذا الاحتمال، ليخلص إلى أن حدوث هذا التغيير يظل مرهونا بقرار سياسي من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم ورئيس البلاد سيريل رامافوزا، وهو ما لا يبدو محسوما حتى الآن.
وأضاف التقرير، أن تسارع وتيرة الدعم للمغرب منذ عام 2020، من واشنطن إلى برلين، مرورا بباريس ومدريد، ومع سحب اعتراف عدة دول أفريقية بجبهة البوليساريو، تجد جنوب إفريقيا نفسها في عزلة نسبية، لا سيما مع الموقف البريطاني الجديد، معتبرا أن موقف بريتوريا قد يشهد تحوّلا، في ظل التحركات المغربية المتسارعة داخل الفضاء الأنغلوفوني، ومساعي الرباط إلى فك الارتباط بين جنوب إفريقيا والجزائر بشأن هذا الملف.
وأشار إلى أن إعلان المملكة المتحدة في 1 يونيو 2025 عن تأييدها الصريح للمبادرة المغربية، لم يفاجئ المتابعين والمراقبين للملف، لكنه مثّل منعطفا حاسما، هذا الموقف البريطاني الذي ظل قيد الترقب منذ ديسمبر 2020 تاريخ تغريدة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء يُعدّ تطورا بارزا في مسار القضية، لاسيما أنه يصدر عن عضو دائم في مجلس الأمن، بعد كل من الولايات المتحدة وفرنسا.
وسبق هذا الإعلان البريطاني إشارات متعددة أوحت بهذا التوجّه، من بينها رفض القضاء البريطاني لدعوى رفعتها منظمة داعمة للبوليساريو ضد الاتفاقيات التجارية بين لندن والرباط، إضافة إلى المشروع الطاقي العملاق “Xlinks” لنقل الكهرباء من الصحراء المغربية إلى بريطانيا.
وذكر التقرير أن التصريح البريطاني ستكون له ارتدادات قوية على عدة عواصم إفريقية منضوية في الكومنولث، لا تزال تبدي مواقف مؤيدة للبوليساريو، وفي مقدمتها جنوب إفريقيا، وفي هذا السياق، ذكر التقرير بعض الدول الإفريقية التي راجعت فعلا علاقاتها مع الجبهة الانفصالية، منها غانا التي أوقفت علاقاتها معها، في يناير 2025، وكينيا التي أعلنت في مايو 2025 أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي “الحل الوحيد” للنزاع.
التقرير أبرز كذلك أن هذا التغيير يترك جبهة البوليساريو أكثر عزلة، حتى في ظل المواقف التاريخية لبعض القوى الإقليمية كنيجيريا، التي بدأت تُظهر مؤشرات تحول، خاصة في ظل المضي قدماً في مشروع أنبوب الغاز نيجيرياالمغرب، الذي يُعدُّ في نظر بعض الدبلوماسيين “اعترافا عمليا” بمغربية الصحراء.
ورصد التقرير دلالة التعيينات الدبلوماسية الجديدة التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس في إثيوبيا، موزمبيق، زامبيا ورواندا، باعتبارها جزءاً من استراتيجية مدروسة تستهدف النفوذ في إفريقيا الأنغلوفونية، وتحديداً تفكيك التحالف الجزائريالجنوب إفريقي الداعم للبوليساريو.
المصدر: العمق المغربي