حذرت منظمة العفو الدولية من العواقب “المدمرة” و”المهددة للحياة” للتقليص “المفاجئ والفوضوي والشامل” في المساعدات الخارجية الأمريكية. وأكدت المنظمة في تقرير بحثي أصدرته بعنوان “حياة الناس في خطر”، أن هذا الإجراء يعرّض حياة ملايين الأشخاص وحقوق الإنسان حول العالم للخطر الجسيم، حيث أدى إلى توقف برامج حيوية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية، والأمن الغذائي، والمأوى، والدعم الإنساني لأشخاص في أوضاع هشة، كنساء وفتيات وناجيات من العنف الجنسي، بالإضافة إلى لاجئين وباحثين عن الأمان.
ويعود هذا التقليص إلى الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس دونالد ترامب بتاريخ 20 يناير 2025 وغيره من الأوامر التي استهدفت برامج معينة. وانتقدت المنظمة تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو أمام الكونغرس، واصفة إياها بالضعيفة والناقصة بشأن تأثير هذه التقليصات على حقوق الإنسان، معتبرة أن تأكيد الوزير عدم تسبب التقليصات في أي وفيات يتناقض تماما مع الأدلة التي جمعتها هي ومنظمات أخرى، والتي توثق حالات وفاة فعلية وتشير إلى ارتفاع متوقع في معدلات الوفيات.
وفي السياق ذاته، قالت أماندا كلاسِنغ، المديرة الوطنية للعلاقات الحكومية وأنشطة كسب التأييد في فرع الولايات المتحدة لمنظمة العفو الدولية، إن هذا القرار المفاجئ الذي نفّذته إدارة ترامب بشكل فوضوي يُلحق أضرارا جسيمة ويُعد انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، مقوضا الدور القيادي للولايات المتحدة. وأضافت أن حجم هذه التقليصات خلق فراغا مهددا للحياة لا تستطيع الجهات الأخرى تعويضه على المدى القصير، مما يُعد انتهاكا لحقوق الملايين في الحياة والصحة والكرامة.
واكدت أماندا كلاسِنغ على خطأ الاعتقاد بأن على الحكومة الأمريكية الاختيار بين تلبية الاحتياجات الداخلية أو تقديم المساعدات الخارجية، مشيرة إلى أن المساعدات الخارجية تمثل نسبة ضئيلة من الميزانية وأن الولايات المتحدة، كأغنى دول العالم، تتحمل مسؤولية عالمية ولديها مصلحة في دعم الفئات الأشد تهميشا، وأن هذا الانسحاب الفوضوي هو تصرف قاس يهدد حياة وحقوق الملايين.
وقدم التقرير أمثلة متعددة لتوقف خدمات حيوية في مجال الصحة، مثل دعم الناجيات من العنف ورعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في عدة دول كغواتيمالا وهايتي وجنوب إفريقيا، وتأثر الخدمات الإنسانية والطبية في مناطق النزاع مثل سوريا واليمن. كما تسببت التقليصات في إغلاق مراكز إيواء وتقليص مساعدات أساسية للمهاجرين واللاجئين في دول مثل أفغانستان وكوستاريكا والمكسيك وعلى الحدود مع تايلند.
ودعت المنظمة الحكومة الأمريكية إلى إعادة التمويل فورا، مؤكدة أن حق البحث عن الأمان محمي بموجب القانون الدولي، وأن التقليصات تعرض هذا الحق للخطر. وأشار التقرير إلى أن قرار وقف التمويل هذا يأتي في سياق تراجع أوسع لمساهمة الولايات المتحدة في مؤسسات متعددة الأطراف وانسحابها من اتفاقيات دولية.
وطالبت منظمة العفو الدولية إدارة ترامب بإعادة المساعدات المتضررة بما يتماشى مع المعايير الدولية، وحثت الكونغرس على مواصلة تمويل المساعدات بثبات وضمان توافقها مع حقوق الإنسان، مع التأكيد على ضرورة الشفافية والتشاور في أي تغييرات.
كما دعت الهيئة ذاتها جميع الدول القادرة على الوفاء بالتزاماتها بتخصيص 0.7% من دخلها القومي الإجمالي للمساعدات الخارجية لسد الفجوات التي خلفها التعليق الأمريكي.
المصدر: العمق المغربي