أمد/ بحرُ غزّة لم يعد فيه سمك للغزّيين، ليس لان نسل السمك انقطع، أو لان السمك هاجر إلى قبرص أو إلى الجزر اليونانيّة،
لكن لان اسرائيل قصفت البرّ والبحر، ودمّرت قوارب الصيادين على شط غزّة،
لا تسمح قوات اسرائيل المُحاصِرة المُعتدية، البحرية والبرية والجوّية، التي تُغطّي قطاع غزة، ليل نهار،
لا تسمح بتاتاان يُمارس صيّادو غزة عملهم ويصطادون اسماك بحرهم،هذا إذا ما بقي لديهم قوارب وشِباك سليمة!!!،
“الصياد النازل إلى مياه بحر شط غزة مفقود، والعائد باعجوبة منه مولود!!!”، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم،
في فترة ما قبل الحرب المجنونة على قطاع غزة، كُنت اذهب إلى حسبة مدينة رام الله،
الحسبة المعروفة المخصصة للخضار والفواكه ومحلات اللحوم، وتجارات اخرى، كانت تحمل في رحمها في بعض ايام الاسبوع “السمك القادم من قطاع غزّة”، باسعار معقولة وجودة مضمونه، سمك بحري مئة بالمئة، وليس كبعض السمك الطازج في المسامك، سمك برك تربية الاسماك، والفرق بين سمك البرك والسمك البحري هو كما الفرق بين ديك دجاج المزارع، والديك البلدي ذو اللحم الشهي والدُهن، على “اكلة مفتول تقليدية تراثية”، يتناولها المرؤ مرّة واحدة، من الحول إلى الحول،
أمّا الآن فلا اسماك لاهل غزّة، ولا اسماك تصل الضفّة، فالاسماك هي الاخرى ضحية من ضحايا الحرب،
وهنا ندخل جدلا في موضوع الاسماك بلا بحر، الشق الثاني من العنوان،
فالسيد الطاووس الاشقر ترامب يُريد ان يُخرج سكان غزة من بحرهم ومن رملهم ومن هوائهم!!!،
لا أحد طلب منه ذلك ولا احد من سكان غزة “وشوشه” في اذنيه وعبّر له عن رغبته بالبحث عن بحر جديد، فالغزي يعشق مياه بحر غزة كما يعشق تراب رملها، وبرتقال بياراتها وبلح نخيلها،
كما يعشق ايضا سمك بحرها المشوي والمحشي بالدقّة الغزيّة الحارة الحرّاقة،
يقول الشاعر هارون هاشم رشيد، في رائعتة التي غنّتها المبدعة فيروز: “سنرجع يوما إلى حيّنا”، ونغرق في دفئات المنى”،
وسيرجع صيّادو غزة إلى بحرهم يصطادون الاسماك، اسماك بحر غزة، لاهل غزة، وليصل مرّة أخرى إلى “حسبة رام الله”.