تقرير أمني صادم حول توغل الإخوان المسلمين في مرمى ماكرون

أمد/ باريس: عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء، اجتماعا أمنيا رفيع المستوى في قصر الإليزيه لمناقشة تقرير حكومي يحذر من تزايد نفوذ الإخوان المسلمين وانتشار الإسلام السياسي في فرنسا.
ونشرت “لوفيغارو” الفرنسية “نسخة مخففة” من تقرير يُسلط الضوء على نشاط جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، واصفة إياه بـ “الصادم”، إذ يشير إلى أن الجماعة تسعى إلى فرض الشريعة الإسلامية داخل البلاد، وفقا للصحيفة.
وأعد التقرير المكون من 73 صفحة موظفان حكوميان رفيعان بتكليف من وزارة الداخلية الفرنسية في مايو 2024، واستند بشكل أساسي إلى مذكرات أجهزة الاستخبارات الداخلية، ووفقاً للتقرير تشكل جماعة “الإخوان المسلمين” تهديداً “تخريبياً” لقيم الجمهورية الفرنسية، من خلال استراتيجية “الاختراق التدريجي” للمجتمع عبر التأثير على المؤسسات المحلية، مثل البلديات، الجمعيات الخيرية، المدارس، والأندية الرياضية.
وأشار التقرير إلى أن الجماعة التي تأسست في مصر قبل أكثر من 90 عاماً تتبنى نهجاً “مناهضا للجمهورية” يهدف إلى تغيير القواعد المحلية والوطنية تدريجياً، خاصة فيما يتعلق بالعلمانية والمساواة بين الجنسين.
وبحسب التقرير، هناك نحو 140 مكان عبادة في فرنسا مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى 68 موقعا آخر يُعتبر “مقربا” منها. كما أشارت إلى وجود نحو “280 جمعية” تابعة لها، تنشط في مجالات متنوعة تشمل المجال الديني، والعمل الخيري، والتعليم، والقطاع المهني، والشباب، والأنشطة المالية.
وأوضح التقرير أن الجماعة لا تسعى لفرض “الشريعة الإسلامية” بشكل مباشر أو إقامة دولة إسلامية في فرنسا، لكنها تتبع نهجاً “خفيا وتدريجيا” يهدف إلى زعزعة التماسك الاجتماعي من خلال “إسلام بلدي” يؤثر على الحياة العامة والسياسات المحلية.
ويُبرز التقرير أن المجال التربوي يُشكل “أولوية” للإخوان المسلمين، كما يشير إلى الدور المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية في نشر الفكر الإخواني.
كما تم رصد “منظومات محلية” في مناطق عدة، تتمحور حول المساجد، وتضم أنشطة تجارية ورياضية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات المهنية، ما يجعلها تلبي احتياجات أحياء غالبا ما تعاني من الفقر والتهميش.
وبحسب التقرير، فإن هذه “السيطرة الكاملة” تتجلى في “تشديد الممارسة الدينية، مع تزايد ملحوظ في عدد الفتيات الصغيرات اللواتي يرتدين العباءة، وارتفاع كبير في عدد الفتيات الصغيرات اللواتي يلبسن الحجاب”.
وأشار إلى أن الجماعة، التي تفقد نفوذها في العالم العربي، تركز الآن جهودها على أوروبا، وخاصة فرنسا التي تستضيف أكبر جالية مسلمة في الاتحاد الأوروبي إلى جانب ألمانيا.
وأعلن قصر الإليزيه أن الحكومة ستقترح إجراءات لمواجهة هذا التهديد، بعضها سيُعلن عنه، بينما سيبقى آخر سرياً لدواع أمنية، ومن بين المقترحات التي أثارت جدلاً، اقتراح حزب “النهضة” الذي يتزعمه ماكرون، حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للفتيات دون سن 15 عاماً، معتبراً أن الحجاب “يعيق المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال”.
وأثارت نتائج التقرير الصادم وتوصياته جدلاً واسعاً، ونددت منظمة “مسلمو فرنسا” بما وصفته بـ”الاتهامات الباطلة”، محذرة من “الخلط الخطير” بين الإسلام والتطرف، مؤكدة التزامها بالقيم الفرنسية، رافضة أي اتهامات بمحاولة فرض مشروع سياسي أجنبي أو استراتيجية “الاختراق”.
من جهته شدد الإليزيه على أهمية عدم الخلط بين المسلمين ككل وبين جماعة الإخوان، وقال مسؤول في الرئاسة: “نقاتل ضد الإسلاموية وتطرفها وليس ضد المسلمين”، مضيفا أن الهدف هو “رفع الوعي” داخل الاتحاد الأوروبي حول هذا التهديد.
يأتي هذا التقرير في وقت تشهد فيه فرنسا نقاشات محتدمة حول الهوية الوطنية والإسلام، مع تزايد شعبية اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان، كما أن فرنسا التي تعرضت لسلسلة هجمات إرهابية منذ عام 2015 تسعى لمنع انتشار الأفكار المتطرفة، مما يجعل هذا التقرير جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز الأمن القومي.
الكشف عن “نسخة مخففة” ومنزوعة السرية من الوثيقة، فجاء تحت إشراف وزير الداخلية الحالي برونو روتايو، الذي يسعى، بعد انتخابه على رأس حزب “الجمهوريين” وبدعم شعبي واسع، إلى لعب دور محوري في مواجهة “الإسلام السياسي”.