نكبة فلسطين ما الجديد أمد للإعلام

أمد/ في هذا المكان الاستثناء ترى البشرية وجهها على أي حال اصبح.. هنا الملاحم الكبرى التي تزود المنتصر برخصة الهيمنة وتلقي بالمنهزم خارج الحضور.. هنا سقط الروم والصليبيون والفرس والمغول والفرنسيون والانجليز.. وهنا سيلقى النظام الدولي المجرم نهايتاه المنطقية.
في مثل هذه الأيام تم تهجير اكثر من ٩٠ بالمائة من اهل فلسطين من قراهم ومدنهم.. كانت هناك مدن جميلة بهية وموانيء عالمية وتجارة رائجة وبساتين وكروم من كل الفواكه وكانت بيارات البرتقال الذي عرف بالعالم برتقال يافا.. كانت هناك أسواق أنيقة متنوعة.. وكانت المقاهي والنوادي والمراكز الثقافية يكفي ان نذكر انه كانت تصدر في فلسطين ٢٥ صحيفة متنوعة الاتجاهات.. في فلسطين كل شي مبارك ومعروف بمكانه فالموز ريحاوي والبرتقال يافاوي والبطيخ جنين والجوافة قلقيلية والحبوب بير السبع والزيتون جبل نابلس والتفاح من الجليل.. في فلسطين يلتقي التاريخ المبارك بالواقع الحيوي لشعب مبارك كريم طيب.. شعب مضياف جذاب.. شعب يصبح المهاجرون اليه ينعمون ببركته وبركة المكان…
في مؤامرة عالمية اجمع الغرب والشرق على التخلص من فلسطين نهائيا تقدمت المؤامرة بكل آلة البطش والمكر السيء لترتيب كل المنطقة لانجاح المؤامرة.. قطعوا بلاد الشام الواحدة إلى اربع كيانات سورية وقد اختصروها ولبنان الطائفية وقد زرعوها قنابل موقوتة وشرق نهر الاردن لتكون حامية للكيان وفلسطين معزولة عن كل محيطها فشرقها نهر الاردن وجنوبها صحراء سيناء وشمالها لبنان الطائفي والجولان العصي..
شتتوا الأسر و دمروا النسيج الاجتماعي وهدموا حياة كاملة بكل مافيها من امان واحلام واستقرار وجمال وبركة.. وارتكبوا المجازر ليحققوا مقولة ارض بلا شعب..
احتشد المهجرون في المخيمات في غزة والاردن وسورية ولبنان والضفة.. رحلة عذاب جديدة طويلة تحت سطوة النظام اللبناني الطائفي والسوري البوليسي والاردني الضال والمصري المتجبر.. عاش المهجرون الفلسطينيون عشرات السنين ولايزالون في ابشع حياة انسانية يحرمون فيها من العمل وممارسة الحياة الآدمية في غيتوهات تمارس أجهزة الأمن العربية عليهم كل عقدها النفسية لكبت اي محاولة تحررية..
النكبة لم تكن يوما ولا سنة .. النكبة قرن كامل من المهانة والاذلال والظلم من قبل الجميع وبنسب متفاوتة .. النكبة أصبحت لصيقة بالفلسطيني أينما حل وارتحل..
لكن الفلسطيني الذي تشرب روح جده الأول كنعان يعرف كيف يصنع الحياة بجد وكدح وتفان فأصبح الشعب الفلسطيني هو المتقدم على كل شعوب العرب والمسلمين علميا وثقافيا لقد بنى المهندسون الفلسطينيون مدنا ودولا وعلموا اجيالا وترأسوا صحفا ومراكز ثقافية وانتشروا في العالم مفكرين عالميين وساسة المعيين وشعراء مجددين ومع هذا كله صنعوا ثورة المستحيل بلا سند ولا معين .. عالميا القرار الدولي ضدهم وعربيا النظام العربي يتوجس منهم او هو في الحقيقة مأمور لقمعهم..
قرن من النكبة لم يستسلم الفلسطينيون فيه بل ابدعوا في شتى مجالات الحياة وجددوا مقاومتهم وثوراتهم ولم يتوقف دفق الحياة لحظة..
حاولوا بكل الوسائل النظيفة احيانا والقذرة احيانا أخرى ان يجدوا سبيلا لوضع افدامهم على طريق استعادة حقهم .. تاتيهم الطعنات الغادرة من كل صوب ولكنهم كما العنقاء اسطورتهم المحببة اليهم يخرجون من الرماد اقوى واشد عودا
حتى جاءت لحظة الطوفان التي كانت موسما عالميا لتقديم التضحيات كما كانت تماما الكتاب البين الواضح الذي كشف جريمة الجناة وأعوانهم.. كشف كل أطراف المؤامرة وأخرج للنور كل الوجوه القبيحة التي شاركت طويلا في نكبة فلسطين فمن حاكم يزود العدو بالغذاء إلى حاكم يمرر سفن للعدو عسكرية إلى حاكم يوصي الامريكان ان جردوا الفلسطينيين من سلاحهم إلى حاكم يفتح بلاده للعدو يتمتع ويرتع إلى حاكم يقمع اي صوت ضد جرائم العدو.. هذا فضلا عن بروز الشركات والجامعات والمؤسسات الدولية المتورطة في معاداة الشعب والمنخرطة في المشروع الصهيونية
نعم بعد مائة عام من احتلال فلسطين وبعد ٨٠ عام على حلول النكبة لم نستعد ارضا ولم نسقط العدو ولم تنته معاناة المهجرين الفلسطينيين لكن بعد هذا الزمن المر اصبح عدد الفلسطينيين ١٧ مليون فلسطيني كل واحد منهم يحمل الرواية والأمل والهدف.. ولأن المعركة معركة وجود تصبح الإشارة إلى الديمغرافيا تثبيتا لرواية فلسطينية لم يستطع العدو بكل وسائله وحلفائه ان يشوهها.. وفي المقابل استطاع الدم الفلسطيني والمحرقة التي ارتكبها الصهاينة ان تحرق السردية الصهيونية وان تلقي إلى المزبلة جهود الإعلام الغربي المجرم كما استطاعت صرخات الجوع والألم ان تعري النظام العربي وتضعه في الخانة الحقيقية التي وجد من أجلها..
٧٧ عاما من نكبتنا المدوية بفلسطين لم تكن الا الجزء الظاهر الصارخ والذي يكشف كم هو الضعف والعجز والتخلف والتبعية في أمتنا وكم تضربنا بعنف التجزئة والتغريب والخذلان..
نحن الآن في المعركة بعد ان تكشف فيها كل طرف عن دوره وحقيقته.. نحن الان نقاتل معركتنا ليس في ظلام أو تيه إنما في وضوح الشمس . . وهذه اول خطوات الانتصار
سيستمر صمودنا وابداعنا ولن تكون المأساة التي دخلت أصعب فصولها الا دافعا اقوى لشحذ الهمم وإضاءة مساحات كانت معتمة.. للعيد فلسطين لبهائها وبركتها ولدورها الإنساني البديع ونزيح عنها حقبة الاشرار الهمج الوحوش..
فلسطين فينا مع دقات القلوب ومع شهيقنا وفي بؤبؤ العين لاترى الاهي ولا نسمع سواها ولا نعشق الاها.. نحب من يحبها ونعادي من رماها بحجر أو القى في طريقها قذوراته..
فلسطين ثم فلسطين ثم فلسطين